لا يزال النقاش محتدماً في العالم حول أسامة بن لادن حتى بعد مقتله،
الأسئلة تدور في عواصم مختلفة من العالم حول جدوى الكشف عن صور أسامة بن
لادن بعد قتله.
وبالرغم من أن الرئيس الأمريكي أصدر قراراً نافذاً بمنع الصور، بحجة أنها
يمكن أن تساهم في تحريض المشاعر ضد الولايات المتحدة، أو أن تستخدم أداة
للتعبئة من قبل التنظيمات الإرهابية، ولكن بما أن هذا الجدل الحاد يجري في
واشنطن، فلن يستغرب أحد إذا تم تسريب صور لجثة أسامة بن لادن خلال الأسابيع
المقبلة.
تقاليد الولايات المتحدة تمنع نشرها
معارضو نشر
الصور يؤكدون أن المؤمنين بنظرية المؤامرة داخل وخارج الولايات المتحدة سوف
يشككون بصحة الصور، ويضيفون أنه لا توجد في الولايات المتحدة تقاليد بنشر
أو بث صور مروّعة لجثث في الصحف أو شاشات التلفزيون، وأن الاستثناءات أدت
إلى ردود فعل عكسية.
وجاء قرار أوباما بعد نقاش قصير ولكن "مكثف" بين المسؤولين الكبار
والمستشارين البارزين للرئيس أوباما، حيث التقى رأي وزير الدفاع روبرت غيتس
مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون حول ضرورة عدم الكشف عن الصور، بينما
قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) ليون بانيتا في مقابلة مع
شبكة تلفزيون NBC إنه ليس لديه أي شك بأن الحكومة "في نهاية المطاف سوف
تكشف عن صورة" لبن لادن بعد مقتله ليراها الشعب الأمريكي.
ولم يكن قرار أوباما مفاجئاً، لأنه في 2009 منع أوباما نشر صور لمعتقلين
تعرضوا لمعاملة سيئة على أيدي جنود أمريكيين، على الرغم من موافقة وزارة
الدفاع على نشرها، وأوصل القضية إلى المحكمة العليا.
العالم صدق القصة ولا جدوى من الصور
ويقول
الصحافي البارز توم جيلتون لـ"العربية.نت" إنه نظراً "لعدم وجود تفكير سائد
في العالم الإسلامي يشكك بمقتل أسامة بن لادن، أو ميل واسع لعدم تصديق
الرواية الأمريكية، فإنني لا أرى أي جدوى في الكشف عن الصور".
وقلل جيلتون، وهو من أبرز المراسلين الإذاعيين في "الراديو الوطني العام"،
من أهمية التصريحات المسيسة لشخصيات سياسية، مثل المرشحة السابقة لمنصب
رئاسة الجمهورية وحاكمة ولاية ألاسكا السابقة سارة بيلين، التي تريد الكشف
عن صور بشعة لجثة ابن لادن، "وكأنها تريد تخويف الناس".
ووافق جيلتون القائلين بأن نشر وتوزيع صور جثة ابن لادن سوف يساهم في تأجيج
المشاعر المعادية للولايات المتحدة في بعض المجتمعات المسلمة.
الصورة ستقوض "أسطورة" بطولة ابن لادن
ولكن المعلق
يوجين روبنسون يقف في المعسكر الآخر. ويضيف في مقاله الدوري في صحيفة
"واشنطن بوست" أنه صحيح أن مثل هذه الصور قد تؤجج مشاعر بعض الجهاديين، إلا
أنها ستخيب آمال الآخرين، لأنها ستقوض "أسطورة" بطولة ابن لادن.
وتابع "السبب في نشر الصور هو إظهار ابن لادن على حقيقته: رجل غير مجاهد، وقاتل جماعي، لقي العقاب الذي يستحقه".
وسارع أعضاء الكونغرس إلى المساهمة في النقاش، حيث رأى السناتور الجمهوري
ليندزي غراهام أن السبب الرئيسي لشن هجوم من قبل القوات الخاصة بدلاً من
قصف المجمع هو "الحصول على دليل قاطع بوفاة ابن لان"، ورأى أن موقف أوباما
"خاطئ" .
اللافت هو أن صديق غراهام، السناتور الجمهوري جون ماكين، قال إن الرئيس
وحده هو الذي يجب أن يتخذ القرار، مضيفاً أنه هو شخصياً لا يرى "ضرورة لنشر
الصور".
ومن المتوقع أن يتعرض قرار أوباما إلى تحديات قضائية، حيث سارعت وكالة
الأنباء أسوشييتيد بريس يوم الاثنين إلى اللجوء إلى ما يعرف باسم "قانون
حرية المعلومات" والذي يسمح للمواطنين وللمؤسسات الإعلامية بمطالبة الحكومة
بالكشف عن المعلومات أو الوثائق الرسمية، إلا إذا كانت سرية للغاية ويؤدي
الكشف عنها إلى إلحاق الضرر بالأمن القومي.
لا يريدون تحويله إلى بطل لدى المسلمين
قال المفكر
والمحلل السياسي فهمي هويدي إن قرار البيت الأبيض بعدم نشر صورة ابن لادن
يدل على رغبتهم في عدم تحويله إلى بطل في أذهان المسلمين في كل مكان في
العالم، لأن صورة مقتله بشعة بالقدر الكافي.
وأكد هويدي على المكانة الكبيرة التي يتمتع بها ابن لادن، خاصة بين شعوب
الدول الآسيوية، وبالتالي رغبة الإدارة الأمريكية في امتصاص مشاعر الغضب
لدى المسلمين في تلك الدول، وهو ما أكده أوباما نفسه في كلمته أمس عندما
قال إنه يحترم مشاعر المسلمين.
وأشار هويدي إلى أنه يرى أن الأمريكيين يحاولون إنهاء قصته حتى لا يتحول قبره إلى مزار مهم يقصده المسلمون.
استراتيجية إعلامية لتطويل المتابعة
فيما ذهب
الباحث في شؤون الحركات الإسلامية حسام تمام إلى أن الأمريكيين لا يريدون
إغلاق هذا الموضوع إطلاقاً، لأنهم من البداية أرادوا التعامل مع هذا الملف
باستراتيجية إعلامية، ومن ثم فإن من مصلحتهم استمرار الجدل والنقاش على
أعلى درجة وأفضل مستوى داخل الأوساط الأمريكية.
وقال تمام إن عملية مثل هذه لن تفوتها الإدارة الأمريكية وتغلق ملفها بهذه
السهولة لمجرد عدم استثارة مشاعر المسلمين، لأن الدافع عندها أقوى من ذلك،
وهو استغلال تلك العملية في المنافسة السياسية التي بدأت بالفعل في أمريكا،
فقد ارتفع رصيد أوباما بشكل لم يسبق له مثيل داخل المجتمع الأمريكي، ومن
ثم سوف يسعى لتطويل أمد النقاش حول موضوع اغتيال ابن لادن للاستفادة منه في
المنافسة السياسية الداخلية على حكم أمريكا.
مشاعر المسلمين مستفزة أصلاً
وأوضح تمام
أنه فيما يخص الصورة تحديداً فقد وقعت الإدارة الأمريكية في خطأ فادح يعكس
أزمتها الدائمة في التعامل مع التقاليد والقيم والثقافة الإسلامية، ولو كان
لديهم مستشارون أكثر وعياً وحكمة لما استفزوا مشاعر المسلمين بفعلين:
أولهما التخلص من جثه ابن لادن بإلقائها في البحر، وثانيهما عدم وجود شخصية
دينية إسلامية للقيام بمراسم الغسل والدفن على الشريعة الإسلامية.
ورأى تمام أنهم "لو أخذوا هاتين النقطتين في الحسبان لاستطاعوا امتصاص جزء
كبير من الغضب الإسلامي بشكل أفضل وأقوى من قرارهم بعدم نشر صورته، مبيناً
أن "قرارهم بعدم نشر الصورة مجرد جزء من وعيهم المتأخر بخطورة إطلاق أو
تسريب صورة مباشرة وبشعة لعملية الاغتيال، وهو ما أدى إلى خسارتهم جزءاً من
المعركة الإعلامية التي أداروها بغباء مع العالم الإسلامي".
وأشار تمام إلى أن الإدارة الأمريكية لو لجأت إلى تعديل الصور من خلال
برامج إلكترونية، فسوف يقعون في فضيحة أكبر، ولم يصبح أمام الأمريكيين إلا
خيارين كلاهما خاسر، إما أن يتمادوا في أخطائهم بنشر الصورة بنفس بشاعتها
دون تعديل، وإما أن يرتكبوا فضيحة عالمية بتعديلها وترميمها بحيث تصبح أقل
بشاعة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الأسئلة تدور في عواصم مختلفة من العالم حول جدوى الكشف عن صور أسامة بن
لادن بعد قتله.
وبالرغم من أن الرئيس الأمريكي أصدر قراراً نافذاً بمنع الصور، بحجة أنها
يمكن أن تساهم في تحريض المشاعر ضد الولايات المتحدة، أو أن تستخدم أداة
للتعبئة من قبل التنظيمات الإرهابية، ولكن بما أن هذا الجدل الحاد يجري في
واشنطن، فلن يستغرب أحد إذا تم تسريب صور لجثة أسامة بن لادن خلال الأسابيع
المقبلة.
تقاليد الولايات المتحدة تمنع نشرها
معارضو نشر
الصور يؤكدون أن المؤمنين بنظرية المؤامرة داخل وخارج الولايات المتحدة سوف
يشككون بصحة الصور، ويضيفون أنه لا توجد في الولايات المتحدة تقاليد بنشر
أو بث صور مروّعة لجثث في الصحف أو شاشات التلفزيون، وأن الاستثناءات أدت
إلى ردود فعل عكسية.
وجاء قرار أوباما بعد نقاش قصير ولكن "مكثف" بين المسؤولين الكبار
والمستشارين البارزين للرئيس أوباما، حيث التقى رأي وزير الدفاع روبرت غيتس
مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون حول ضرورة عدم الكشف عن الصور، بينما
قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) ليون بانيتا في مقابلة مع
شبكة تلفزيون NBC إنه ليس لديه أي شك بأن الحكومة "في نهاية المطاف سوف
تكشف عن صورة" لبن لادن بعد مقتله ليراها الشعب الأمريكي.
ولم يكن قرار أوباما مفاجئاً، لأنه في 2009 منع أوباما نشر صور لمعتقلين
تعرضوا لمعاملة سيئة على أيدي جنود أمريكيين، على الرغم من موافقة وزارة
الدفاع على نشرها، وأوصل القضية إلى المحكمة العليا.
العالم صدق القصة ولا جدوى من الصور
ويقول
الصحافي البارز توم جيلتون لـ"العربية.نت" إنه نظراً "لعدم وجود تفكير سائد
في العالم الإسلامي يشكك بمقتل أسامة بن لادن، أو ميل واسع لعدم تصديق
الرواية الأمريكية، فإنني لا أرى أي جدوى في الكشف عن الصور".
وقلل جيلتون، وهو من أبرز المراسلين الإذاعيين في "الراديو الوطني العام"،
من أهمية التصريحات المسيسة لشخصيات سياسية، مثل المرشحة السابقة لمنصب
رئاسة الجمهورية وحاكمة ولاية ألاسكا السابقة سارة بيلين، التي تريد الكشف
عن صور بشعة لجثة ابن لادن، "وكأنها تريد تخويف الناس".
ووافق جيلتون القائلين بأن نشر وتوزيع صور جثة ابن لادن سوف يساهم في تأجيج
المشاعر المعادية للولايات المتحدة في بعض المجتمعات المسلمة.
الصورة ستقوض "أسطورة" بطولة ابن لادن
ولكن المعلق
يوجين روبنسون يقف في المعسكر الآخر. ويضيف في مقاله الدوري في صحيفة
"واشنطن بوست" أنه صحيح أن مثل هذه الصور قد تؤجج مشاعر بعض الجهاديين، إلا
أنها ستخيب آمال الآخرين، لأنها ستقوض "أسطورة" بطولة ابن لادن.
وتابع "السبب في نشر الصور هو إظهار ابن لادن على حقيقته: رجل غير مجاهد، وقاتل جماعي، لقي العقاب الذي يستحقه".
وسارع أعضاء الكونغرس إلى المساهمة في النقاش، حيث رأى السناتور الجمهوري
ليندزي غراهام أن السبب الرئيسي لشن هجوم من قبل القوات الخاصة بدلاً من
قصف المجمع هو "الحصول على دليل قاطع بوفاة ابن لان"، ورأى أن موقف أوباما
"خاطئ" .
اللافت هو أن صديق غراهام، السناتور الجمهوري جون ماكين، قال إن الرئيس
وحده هو الذي يجب أن يتخذ القرار، مضيفاً أنه هو شخصياً لا يرى "ضرورة لنشر
الصور".
ومن المتوقع أن يتعرض قرار أوباما إلى تحديات قضائية، حيث سارعت وكالة
الأنباء أسوشييتيد بريس يوم الاثنين إلى اللجوء إلى ما يعرف باسم "قانون
حرية المعلومات" والذي يسمح للمواطنين وللمؤسسات الإعلامية بمطالبة الحكومة
بالكشف عن المعلومات أو الوثائق الرسمية، إلا إذا كانت سرية للغاية ويؤدي
الكشف عنها إلى إلحاق الضرر بالأمن القومي.
لا يريدون تحويله إلى بطل لدى المسلمين
قال المفكر
والمحلل السياسي فهمي هويدي إن قرار البيت الأبيض بعدم نشر صورة ابن لادن
يدل على رغبتهم في عدم تحويله إلى بطل في أذهان المسلمين في كل مكان في
العالم، لأن صورة مقتله بشعة بالقدر الكافي.
وأكد هويدي على المكانة الكبيرة التي يتمتع بها ابن لادن، خاصة بين شعوب
الدول الآسيوية، وبالتالي رغبة الإدارة الأمريكية في امتصاص مشاعر الغضب
لدى المسلمين في تلك الدول، وهو ما أكده أوباما نفسه في كلمته أمس عندما
قال إنه يحترم مشاعر المسلمين.
وأشار هويدي إلى أنه يرى أن الأمريكيين يحاولون إنهاء قصته حتى لا يتحول قبره إلى مزار مهم يقصده المسلمون.
استراتيجية إعلامية لتطويل المتابعة
فيما ذهب
الباحث في شؤون الحركات الإسلامية حسام تمام إلى أن الأمريكيين لا يريدون
إغلاق هذا الموضوع إطلاقاً، لأنهم من البداية أرادوا التعامل مع هذا الملف
باستراتيجية إعلامية، ومن ثم فإن من مصلحتهم استمرار الجدل والنقاش على
أعلى درجة وأفضل مستوى داخل الأوساط الأمريكية.
وقال تمام إن عملية مثل هذه لن تفوتها الإدارة الأمريكية وتغلق ملفها بهذه
السهولة لمجرد عدم استثارة مشاعر المسلمين، لأن الدافع عندها أقوى من ذلك،
وهو استغلال تلك العملية في المنافسة السياسية التي بدأت بالفعل في أمريكا،
فقد ارتفع رصيد أوباما بشكل لم يسبق له مثيل داخل المجتمع الأمريكي، ومن
ثم سوف يسعى لتطويل أمد النقاش حول موضوع اغتيال ابن لادن للاستفادة منه في
المنافسة السياسية الداخلية على حكم أمريكا.
مشاعر المسلمين مستفزة أصلاً
وأوضح تمام
أنه فيما يخص الصورة تحديداً فقد وقعت الإدارة الأمريكية في خطأ فادح يعكس
أزمتها الدائمة في التعامل مع التقاليد والقيم والثقافة الإسلامية، ولو كان
لديهم مستشارون أكثر وعياً وحكمة لما استفزوا مشاعر المسلمين بفعلين:
أولهما التخلص من جثه ابن لادن بإلقائها في البحر، وثانيهما عدم وجود شخصية
دينية إسلامية للقيام بمراسم الغسل والدفن على الشريعة الإسلامية.
ورأى تمام أنهم "لو أخذوا هاتين النقطتين في الحسبان لاستطاعوا امتصاص جزء
كبير من الغضب الإسلامي بشكل أفضل وأقوى من قرارهم بعدم نشر صورته، مبيناً
أن "قرارهم بعدم نشر الصورة مجرد جزء من وعيهم المتأخر بخطورة إطلاق أو
تسريب صورة مباشرة وبشعة لعملية الاغتيال، وهو ما أدى إلى خسارتهم جزءاً من
المعركة الإعلامية التي أداروها بغباء مع العالم الإسلامي".
وأشار تمام إلى أن الإدارة الأمريكية لو لجأت إلى تعديل الصور من خلال
برامج إلكترونية، فسوف يقعون في فضيحة أكبر، ولم يصبح أمام الأمريكيين إلا
خيارين كلاهما خاسر، إما أن يتمادوا في أخطائهم بنشر الصورة بنفس بشاعتها
دون تعديل، وإما أن يرتكبوا فضيحة عالمية بتعديلها وترميمها بحيث تصبح أقل
بشاعة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]