هيا بنا نهاجر
كتبه/ محمد الجهمي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد
فالهجرة هي: الاسم، مِن الهَجْر أو الهِجْران.
وهي مأخوذة مِن مادة "هـ ج ر"، والهَجْر ضد الوصل، وكذلك الهِجْران.
وقولهم: هاجر القوم من دار إلى دار: تركوا الأولى للثانية، كما فعل المهاجرون حين هاجروا من مكة إلى المدينة.
والهجر والهجران: مفارقة الإنسان غيره، إما بالبدن، أو باللسان، أو بالقلب.
قال الله -تعالى-: (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ)(النساء:34)
وهذا كناية عن عدم قربهن -مفارقة بالبدن-
وقوله -سبحانه-: (إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)(الفرقان:30)
فهذا هجر بالقلب واللسان.
أما قوله -عز وجل-: (وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً) (المزمل:10)
فيحتمل الثلاثة.
وقوله -سبحانه-: (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:5)
حث على المفارقة بالوجوه كلها.
والهجرة على أنواع خمسة كما ذكرها "ابن دقيق العيد" في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام":
الهجرة الأولى: الهجرة إلى الحبشة عندما آذى الكفار الصحابة -رضوان الله عليهم-.
الهجرة الثانية: مِن مكة إلى المدينة.
الهجرة الثالثة: هجرة القبائل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لتعلم الشرائع، ثم يرجعون إلى المواطن، ويعلمون قومهم.
الهجرة الرابعة: هجرة مَن أسلم مِن أهل مكة؛ ليأتي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يرجع إلى مكة.
الهجرة الخامسة: هجر ما نهى الله عنه.
وهذه
الهجرة الأخيرة هي مقصود هذا المقال، وهذه الدعوة لأنفسنا ولإخواننا
وللناس مِن حولنا، وهي هِجْران الشهوات، والأخلاق الذميمة، والخطايا،
وتركها ورفضها، وهذه هي الهجرة الواجبة علينا –جميعًا- في كل زمان ومكان.
ومع
وجود هذه المشاعر الإيمانية العظيمة ندعو أنفسنا وإخواننا، والناس من
حولنا إلى هذه الهجرة الواجبة علينا جميعًا في كل زمان ومكان، وهي هجر كل
ما نهى الله عنه، وكل ما نهى عنه رسوله -صلى الله عليه وسلم-، مما يكون
سببًا في سخط الله وغضبه، وعذابه وعقابه، وهذه هجرة باقية إلى قيام الساعة.
وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- في كتابه الماتع "طريق الهجرتين" أن الهجرة هجرتان:
"الأولى: هجرة بالجسم من بلد إلى بلد، وهذه أحكامها معلومة.
الثانية: الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-
وهي: تتضمن "مِن" و"إلى"؛ فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته، ومن
عبودية غير الله إلى عبوديته، ومن خوف غير الله، ورجائه، والتوكل عليه إلى
خوف الله، ورجائه، والتوكل عليه، ومن دعاء غيره، وسؤاله، والخضوع له،
والذل والاستكانة له، إلى دعائه، وسؤاله، والخضوع له، والذل والاستكانة
له.
.
ثم تعرض لحال العبد المؤمن المهاجر إلى ربه، فقال:
"وله في كل وقت هجرتان: هجرة إلى الله بالقلب والمحبة والعبودية،
والتوكل، والإنابة، والتسليم، والتفويض، والخوف، والرجاء، والإقبال عليه،
وصدق الملجأ، والافتقار في كل نَفَس إليه.
وهجرة
إلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- في حركاته وسكناته الظاهرة والباطنة؛
بحيث تكون موافقة لشرعه الذي هو تفضيل محاب الله ومرضاته، ولا يقبل الله
من أحد دينًا سواه، وكل عمل سواه فعيش النفس وحظها، لا زاد المعاد" اهـ
.
فالهجرة
الباقية إلى قيام الساعة الواجبة على كل عبد في كل زمان ومكان هي: هجرة
الذنوب والسيئات والعادات الجاهلية والمحرمات، والأخلاق الرذيلة والشبهات،
فقد روى مسلم والبخاري -واللفظ له- في "صحيحيهما" من حديث عبد الله بن
عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ).
وعن عبد الله بن السعدي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا دَامَ الْعَدُوُّ يُقَاتَلُ)
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَعَبْدُ اللهِ
بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ الْهِجْرَةَ خَصْلَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ تَهْجُرَ السَّيِّئَاتِ، وَالأُخْرَى: أَنْ تُهَاجِرَ
إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ. وَلا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ؛ مَا تُقُبِّلَتِ
التَّوْبَةُ، وَلا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً حَتَّى تَطْلُعَ
الشَّمْسُ مِنَ المَغْرِبِ، فَإِذَا طَلَعَتْ؛ طُبِعَ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ
بِمَا فِيهِ، وَكُفِيَ النَّاسُ الْعَمَلَ) (رواه أحمد، وحسنه الألباني)
وفي رواية: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (أَنْ تَهْجُرَ مَا كَرِهَ رَبُّكَ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).
قال العز بن عبد السلام -رحمه الله تعالى- في كتابه شجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال: "الهجرة
هجرتان: هجرة الأوطان، وهجرة الإثم والعدوان، وأفضلهما: هجرة الإثم
والعدوان؛ لما فيها من إرضاء الرحمن، وإرغام النفس والشيطان" اهـ.
فحريٌّ
بنا أن نسارع إلى هذه الهجرة التي ترضي الله -سبحانه وتعالى-، فنهاجر من
الكفر والشرك إلى الإيمان والتوحيد، ونهاجر من الابتداع إلى السنة
والاتباع، ونهاجر من فعل المحرمات إلى أداء الواجبات، ومن الاستهانة
بالمكروهات إلى الإكثار من المستحبات، ونهاجر من تسويد صحائف أعمالنا
بالذنوب والسيئات إلى تبييضها بالحسنات وفعل الخيرات، ونهاجر من التفريط
والإفراط إلى الوسطية ولزوم الصراط، ونهاجر من كل سيء وقبيح إلى كل جميل
ومليح.
فهذه
الهجرة دليل على كمال الإيمان وحسن الإسلام، ودليل على محبة ومحبة الرسول
-صلى الله عليه وسلم-، ودليل على صلاح العبد واستقامته، وبهذه الهجرة
تكون العبودية الكاملة لله -عز وجل-، والانقياد له، وبها ينال العبد
الكرامة والفوز بالجنة، لسان حاله ومقاله: (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (العنكبوت:26).
وأخيرًا:
يا من عزمت على الهجرة -ولا غنى له عنها- احرص على أن تقوم بها قاصدًا
بذلك وجه الله -تعالى- وحده حتى تنال أجرها وثوابها، وثمارها الطيبة في
الدنيا والآخرة.
وفقد نبه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك فيما رواه عمر بن الخطاب
-رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ
بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ
إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ،
وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ
يَتَزَوَّجُهَا؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) (رواه ومسلم).
قال ابن رجب -رحمه الله-: "فالمهاجر إلى الله ورسوله هو المهاجر حقًا، والمهاجر لدنيا يصيبها تاجر، والمهاجر لامرأة ينكحها خاطب، وليس واحد منهما بمهاجر" (جامع العلوم والحكم).
وقال ابن علان في الفتوحات الربانية على الأذكار النووية: "من كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصدًا؛ فهجرته إليهما ثوابًا وأجرًا، أو فهجرته إليهما حكمًا وشرعًا" اهـ.
نسأل الله العظيم أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى، هو ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.
كتبه/ محمد الجهمي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد
فالهجرة هي: الاسم، مِن الهَجْر أو الهِجْران.
وهي مأخوذة مِن مادة "هـ ج ر"، والهَجْر ضد الوصل، وكذلك الهِجْران.
وقولهم: هاجر القوم من دار إلى دار: تركوا الأولى للثانية، كما فعل المهاجرون حين هاجروا من مكة إلى المدينة.
والهجر والهجران: مفارقة الإنسان غيره، إما بالبدن، أو باللسان، أو بالقلب.
قال الله -تعالى-: (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ)(النساء:34)
وهذا كناية عن عدم قربهن -مفارقة بالبدن-
وقوله -سبحانه-: (إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)(الفرقان:30)
فهذا هجر بالقلب واللسان.
أما قوله -عز وجل-: (وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً) (المزمل:10)
فيحتمل الثلاثة.
وقوله -سبحانه-: (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:5)
حث على المفارقة بالوجوه كلها.
والهجرة على أنواع خمسة كما ذكرها "ابن دقيق العيد" في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام":
الهجرة الأولى: الهجرة إلى الحبشة عندما آذى الكفار الصحابة -رضوان الله عليهم-.
الهجرة الثانية: مِن مكة إلى المدينة.
الهجرة الثالثة: هجرة القبائل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لتعلم الشرائع، ثم يرجعون إلى المواطن، ويعلمون قومهم.
الهجرة الرابعة: هجرة مَن أسلم مِن أهل مكة؛ ليأتي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يرجع إلى مكة.
الهجرة الخامسة: هجر ما نهى الله عنه.
وهذه
الهجرة الأخيرة هي مقصود هذا المقال، وهذه الدعوة لأنفسنا ولإخواننا
وللناس مِن حولنا، وهي هِجْران الشهوات، والأخلاق الذميمة، والخطايا،
وتركها ورفضها، وهذه هي الهجرة الواجبة علينا –جميعًا- في كل زمان ومكان.
ومع
وجود هذه المشاعر الإيمانية العظيمة ندعو أنفسنا وإخواننا، والناس من
حولنا إلى هذه الهجرة الواجبة علينا جميعًا في كل زمان ومكان، وهي هجر كل
ما نهى الله عنه، وكل ما نهى عنه رسوله -صلى الله عليه وسلم-، مما يكون
سببًا في سخط الله وغضبه، وعذابه وعقابه، وهذه هجرة باقية إلى قيام الساعة.
وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- في كتابه الماتع "طريق الهجرتين" أن الهجرة هجرتان:
"الأولى: هجرة بالجسم من بلد إلى بلد، وهذه أحكامها معلومة.
الثانية: الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-
وهي: تتضمن "مِن" و"إلى"؛ فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته، ومن
عبودية غير الله إلى عبوديته، ومن خوف غير الله، ورجائه، والتوكل عليه إلى
خوف الله، ورجائه، والتوكل عليه، ومن دعاء غيره، وسؤاله، والخضوع له،
والذل والاستكانة له، إلى دعائه، وسؤاله، والخضوع له، والذل والاستكانة
له.
.
ثم تعرض لحال العبد المؤمن المهاجر إلى ربه، فقال:
"وله في كل وقت هجرتان: هجرة إلى الله بالقلب والمحبة والعبودية،
والتوكل، والإنابة، والتسليم، والتفويض، والخوف، والرجاء، والإقبال عليه،
وصدق الملجأ، والافتقار في كل نَفَس إليه.
وهجرة
إلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- في حركاته وسكناته الظاهرة والباطنة؛
بحيث تكون موافقة لشرعه الذي هو تفضيل محاب الله ومرضاته، ولا يقبل الله
من أحد دينًا سواه، وكل عمل سواه فعيش النفس وحظها، لا زاد المعاد" اهـ
.
فالهجرة
الباقية إلى قيام الساعة الواجبة على كل عبد في كل زمان ومكان هي: هجرة
الذنوب والسيئات والعادات الجاهلية والمحرمات، والأخلاق الرذيلة والشبهات،
فقد روى مسلم والبخاري -واللفظ له- في "صحيحيهما" من حديث عبد الله بن
عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ).
وعن عبد الله بن السعدي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا دَامَ الْعَدُوُّ يُقَاتَلُ)
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَعَبْدُ اللهِ
بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ الْهِجْرَةَ خَصْلَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ تَهْجُرَ السَّيِّئَاتِ، وَالأُخْرَى: أَنْ تُهَاجِرَ
إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ. وَلا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ؛ مَا تُقُبِّلَتِ
التَّوْبَةُ، وَلا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً حَتَّى تَطْلُعَ
الشَّمْسُ مِنَ المَغْرِبِ، فَإِذَا طَلَعَتْ؛ طُبِعَ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ
بِمَا فِيهِ، وَكُفِيَ النَّاسُ الْعَمَلَ) (رواه أحمد، وحسنه الألباني)
وفي رواية: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (أَنْ تَهْجُرَ مَا كَرِهَ رَبُّكَ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).
قال العز بن عبد السلام -رحمه الله تعالى- في كتابه شجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال: "الهجرة
هجرتان: هجرة الأوطان، وهجرة الإثم والعدوان، وأفضلهما: هجرة الإثم
والعدوان؛ لما فيها من إرضاء الرحمن، وإرغام النفس والشيطان" اهـ.
فحريٌّ
بنا أن نسارع إلى هذه الهجرة التي ترضي الله -سبحانه وتعالى-، فنهاجر من
الكفر والشرك إلى الإيمان والتوحيد، ونهاجر من الابتداع إلى السنة
والاتباع، ونهاجر من فعل المحرمات إلى أداء الواجبات، ومن الاستهانة
بالمكروهات إلى الإكثار من المستحبات، ونهاجر من تسويد صحائف أعمالنا
بالذنوب والسيئات إلى تبييضها بالحسنات وفعل الخيرات، ونهاجر من التفريط
والإفراط إلى الوسطية ولزوم الصراط، ونهاجر من كل سيء وقبيح إلى كل جميل
ومليح.
فهذه
الهجرة دليل على كمال الإيمان وحسن الإسلام، ودليل على محبة ومحبة الرسول
-صلى الله عليه وسلم-، ودليل على صلاح العبد واستقامته، وبهذه الهجرة
تكون العبودية الكاملة لله -عز وجل-، والانقياد له، وبها ينال العبد
الكرامة والفوز بالجنة، لسان حاله ومقاله: (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (العنكبوت:26).
وأخيرًا:
يا من عزمت على الهجرة -ولا غنى له عنها- احرص على أن تقوم بها قاصدًا
بذلك وجه الله -تعالى- وحده حتى تنال أجرها وثوابها، وثمارها الطيبة في
الدنيا والآخرة.
وفقد نبه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك فيما رواه عمر بن الخطاب
-رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ
بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ
إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ،
وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ
يَتَزَوَّجُهَا؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) (رواه ومسلم).
قال ابن رجب -رحمه الله-: "فالمهاجر إلى الله ورسوله هو المهاجر حقًا، والمهاجر لدنيا يصيبها تاجر، والمهاجر لامرأة ينكحها خاطب، وليس واحد منهما بمهاجر" (جامع العلوم والحكم).
وقال ابن علان في الفتوحات الربانية على الأذكار النووية: "من كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصدًا؛ فهجرته إليهما ثوابًا وأجرًا، أو فهجرته إليهما حكمًا وشرعًا" اهـ.
نسأل الله العظيم أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى، هو ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
موقع أنا السلفي
موقع أنا السلفي