سألت نَفسي عنَها مِرارًا ..
أيُها أكبر وأعّم وأشملْ ؟
وحين لم أجد الِإجابة في نفسي سََألتْ عنهَا البَعضْ ..
فأجابني أحدهم أن الدُنيا تََشمل العالم وتشَمل الكَون ..
وقال آخر : أن الكّون هو الأعم .. فهو يحتوي كل شيء ..
وحيَن هّممتُ بِـ تَصديق ذلكْ جَاء آخر وقال :
أن العَالمْ أكبر شيء فهو " الوجود " ..
عندها .. غَصِتُ في بُحور الحيَرة .. !
وقتَها كُنت أريدْ أن أعرف الشيء الَأكبر و الَأشملْ لـ أعرف مدى إحتِلَاله لي
فهل أحتلْ عَالمي , أم دنيتي , أم كوني ؟
.. العالم الََآخر ..
عالم بحثتُ عنه كثيرًا .. عَدد ما سَمعتْ عنه .. وجعلني الفُضول أتوق لـ رؤيته
ورغَم أنني سَمعت هذه الكلمة كَثيرًا لكنني لم أفكر فيها
كنت أعتقد أن العالم هو عنصر واحد لَا يقبل التعدد .. مثلهُ مثل الدنيا والكون
فهل هو مثلهم حقًا ؟
بحثت عن معناه لكني لم أجد شيء ثابت ومحدد
فَـ لِـ كُلْ فئَة تُفسره مَعنى مُختلفْ ..
بعضُهم قال "عالم الملَائكة "
ومنهُم مَن قَال "عالم الَأحلام "
ومِنهم من قَال " عَالم الَأمواتْ "
وبين تِلكْ الَأقاويل تُهت .. وغرقَتْ أكثر .. !
ونشأتْ بيننا صَداقة طُفولية رائِعة ..
فـ بنينا الَأحلَام معًا .. وأشتقنَا لِـ أن نكبر سَريعًا ..
لـ تَتحقق الَأحلََام ..
وكانْت الَأيام تَمر .. فتكبر أحلََامنا قبل أعمارنَا ..
كُنا نتوقْ لِـ المستقبلْ .. كانت تقول لي : أنها تريد أن تُصبح قبطان سفينة ..
وأنا أقول : أريد أن أصبح شرطية ..
وحين نُخبر أمهاتنا بـ مانأمله .. كن يضحكن كثيرًا بدون أن نعرف لـ ذلك الضحك مُبررْ ..
تََحرجنا من الََإبتدائية .. والمتوسطة .. ودخلنا الثَانوية ..
وفي أول سَنة .. بل في أول شَهر لنا ْ.. رحلتْ ..
رحلتْ لـ العالم الَآخر ..
عالم فوق السَماءْ .. عالم لم أكن أفهمه تمامًا في ذلك الوقت ..
لكن الَآن أصبحت أفهمه أكثر ..
فكلمَا أبتعدت الصُورة أزدادت لي وضوحًا ..
أدركت أن العَالم الَآخر .. عالم جَميل ..
ففيه روحَها مُحاطة بِـ أحلَامها ..
فيا تُرى هل حققت أحلَامها التي رسَمتها معي ؟
أم أنها أكتفت بـ النظر إليّ من فوق السَماء آملة في أن أحققْ ذلكْ وحدي ؟
ليتني كُنت أستطيعْ ذلكْ .. بلْ ليتني أبقيتُ تلك الَأحلَام في أمنياتيْ
لكن الََأحلَام مثلها مِثل ( الدُنيا ) لَا تثبتْ على شيء
مرّت السنوات .. وكبرتُ دونها ..
وتغير كل شيء ..
ومازال يتغير .. إلى أن [ عرفته ] ..
فأصبح هو الحُلم الوحيد ليْ .. تنازلت عن كل حلم سِواه ..
فالَأحلَام أن كَثرت لَا تتحقق ..
ولم يعنيني شَيء ماعداه ..
ورغم أنه الحلم الوحيد المتبقي لي .. رحلْ .. !
لم يرحل لـ العَالم الَآخر
بل في نفس عَالمي , وعلى نفس أرضَي ..
لكنه في رحيله يشبه رَحيلْ تلك التي قاسمتني أحلَام الطُفولة وبراءتها ..
الَآن ..
أتوقْ لِـ مجاورتهاْ .. لعليْ أسترق النظر له من فوق السمَاء ..
ولـ أستقبله .. أن جاءْ لـ ذلك العَالمْ ..
الذي ليس فيه مَوتْ
فـ نلتقي دون فُراق .. !
ويتحققْ ذلك الحُلمْ في السَماءْ ..
ذلك الذي عَجزت الَأرضْ عن تَحقيقه !