تـمـر عـلـى الإنـسـان لـحـظـاات عـصـيـبـة، تـهـز أركـااانـه ، وتـؤثـر عـلـى مـسـااار حـيـاااتـه، وتـأخـذ مفـعـوولـهـاا لأمـد مـن الزمـن، قـد تـطـوول وتـمـتـد حـتـى يـجـد الإنـســاان نـفـسـه مـكـبـلاً بـهـموم الـحـيـاااة، يـدوور فـي فـلـك أحـزاانـه وآلااامـه، ولا يـقـوى عـلـى اخـتـرااق جـااذبـيـة مـجـرة حـزنـه الـتـي ارتضـاااهـااا لـنـفسـه، ويـبـدو عـااجـزاً عـن الانطـلاااق نـحـو فـضـااء أرحـب، حـتـى يـجـد ذااتـه بالأمـــل ..!!
صـدمـات أشـبـه بـالـكـهـربـاائـيـة، لـعـلـهـا أن تـنـعـش قـلـبـاً وتـحيـي فـي روحـاً وتـغـرس فـي داخـلـي أمـلاً ..
مـقـدمـة أسـتـهـلـهـااا، لإنـسـاان كـاابـد وعـاانـى فـي خـضـم هـذه الـحـيـااة، بـدأ حـيـااتـه مـرتـيـن، بـل ثـلاااثـاً، بـدأهـاا بـعـد نـهـاايـتـهـااا، ولـكـن أعـااد لـنفـسـه الأمـل ..!!
لا تـسـتـغـربـوااا الاغـرااق فـي مـفـردة (الأمــل)، لأنـهـااا كـاانـت آخـر مـاا خـطـه لـي أبـي (رحـمـه الـلـه) لـحـظـة انـكـسـاار، وخـتـم بـهـااا رسـاالـتـه الأبـويـة بـبـيـت الـقـصـيـد :
أعـلـل الـنـفس بالآمـااال أرقـبـهـااا ** مـاا أضـيـق العـيـش لـولااا فـسـحـة الأمـل
مـع سـاعـاات الأصـيـل، وقـبل شـرووق الـشـمـس فـي تـلـك الـجـمـعـة، كـاانـت الـفـااجـعـة، وكـاان الـمـصـااب، ولـلـه مـاا أخـذ ولـلـه مـا أعـطـى ..
فـقـداان أب وأخـويـن، لـحـظـاات حـااولـت تنـااسيـهـااا ولـم أسـتـطـع، لا أذكـر لـيلـة لـم اسـتـرجـع فـيـهـااا شـريـط الأحـزاان، وتـقـلـيـب الـمـواجـع، وفـي كـل مـرة أرى فـيـهـا صـورة أبـي وهـو مـرتـمـي عـلـى الأرض، ويـجلـس ويـأشـر بـيـده الى إخـوتـي، وهـم يـحـتـضـروون،حـتـى وهـو فـي احـتـضـااره كـاان حـنـونـاً وعـطـوفـاً، لـيـسـتـلـقـي وهـو يـردد الـشـهـاادة بـرتـم حـزيـن، ولـيـكـوون الـودااع ...
عـشـت الـحـيـاة شـقـيـاً، وطـرقـت أبـوابـهـا تـائـهـاً، حـتـى أنـعـم عـلـي ربـي بـالـهـداايـة وأقـبـلـت وأنـاا أحـضـن أبـي وأبـكـي كـطـفـل، وهـو يـعـانـقـنـي ويـشـدنـي نـحـوه وتـذرف دمـوعـه، الـتـي لـم أشـااهـدهـا قـبـل هـذه الـمـرة، وأحـمـد الـلـه انـنـي لـم أتـأخـر سـنـة واحـدة، وإلا لـمـا بـقـي فـي حـيـااتـي شـيء أسـتـحـق أن أعـيـش مـن أجـلـه، وسـبـحـاان الـلـه مـغـيـر الأحـواال، سـعـيـت فـي بـره وتـعـويـضـه لـسـنـواات ضـاع فـيـهـا عـمـري، وكـان آخـر مـا قـالـه لـي قـبـل الـحـادث (الله يعطيك العافية، ما قصرت) ..
آآه يـا أبـي، أفـتـقـدك كـثـيـراً، أفـتـقـد لـحـلـمـك وتـوجـيـهـاتـك، افـتـقـدت لـمـنـاقـشـتـك فـي كـتـبـك الـتـي تـقـرأهـاا، افـتـقـدت لـمـن يـشـرح لـي أبـيـات الـمـتـنـبـي، رحـمـك الـلـه .. يـا أبـــي ..
افـتـقـدت لإخـوتـي، افـتـقـدت لـشـقـااوة ابـراهـيـم، وأسـئـلـتـه وسـرعـة بـديـهـتـه، كـنـا نـلـبـس سـويـاً ونـتـجـه لـلـعـب الـكـرة، افـتـقـدت لـتـحـديـاتـه الـدائـمـة لـي، الـتـي تـنـتـهـي عـنـد ركـوب الـسـيـارة والـعـودة لـلـمـنـزل ..
افـتـقـدت لـنـقـااوة أحـمـد، وصـفـاء سـريـرتـه، وهـو الـذي كـان حـافـظـا لـكـتـاب الـلـه فـي الـسـادسـة عـشـرة مـن عـمـره، افـتـقـدت لـمـن يـتـجـول فـي الـبيـت ويـفـتـح الأبـوااب وهـو يـنـادي الـصـلاة ..
افـتـقـدت يـوم الـعـيـد لـصـحـبـتـكـم صـبـاااح الـعـيـد لأدااء الـصـلاااة، وحـيـداً بـسـجـااادتـي، والـنـااس يـأتـوون أفـواجـاً جـمـااعـات جـمـاعـاات، كـلـ(ن) بـصـحـبـة ابـنـه وولـده ..
آآآه مـاا أصـعـب الـفـرااق وأمـره، فـرااق مـن تـحـب فـي لـمـح الـبـصـر، مـجـرد لـحـظـااات، خـلااا بـهـاا الـداار مـن سـااكـنـيـه، ولـم يـتـبـقـى إلااا أم تـرمـلـت، وأخـوااات أصـغـرهـن كـااانـت تـبـلـغ الـعـااام وأوسـطـهـن فـي الـخـااامـسـة وأكـبـرهـن فـي الـتـاااسـعـة ...
أم تـفـطـر قـلـبـهـا، وهـي تـرى زوجـهـاا وعـشـيـرهـاا طـواال الـسـنـواات الـطـواال، وفـلـذاات أكـبـاادهـااا يـلـقـوون ربـهـم، أم تـكـاابـد الآلااام وتـرى فـي عـيـنـيـهـااا الـصـبر والـقـوة والـجـسـاارة، تـقـرأ فـي تـجـااعـيـد جـبـيـنـهـاا حـكـاايـة نـسـجـتـهـا تـصـاريـف الأقـدار..
وطـفـلـة تـسـأل بـكـل بـراءة ، هـل أنـت بـابـا ؟؟
وأحـداث عـالـقـة بـكـل تفـاصـيـلـهـا فـي أذهـان أخـتـيـهـا .. وهـم يـجـاوبـونـهـاا بـابـا راح الـجـنـة ..
أسـمـيـت طـفـلـتـي الـبـكـر (أمـل) .. لـكـي تـكـون أمـلاً لـي لـحـيـاة مـشـرقـة، وتـكـون إطـلالـتـي عـلـى الـدنـيـا مـن خـلال ابـتـسـامـتـهـا، فـلـقـد ولـدت مـعـهـا مـن جـديـد ..
لا أعـلـم عـن سـبـب سـردي لـمـا سـبـق، ولا أدري كـيـف اسـتـطـعـت الـتـمـرد عـن مـشـاعـري، وكـيـف اسـتـطـاع قـلـمـي أن يـطـاوع قـلـبـي، ولـكـنـهـا خـاطـرة أو مـجـرد تـعـبـيـر لـمـا فـي خـاطـري ,,
بـعـد أن أدركـت أن الـحـيـاة لا يـدووم صـفـاؤهـا، ولا عـلـى حـال لـهـا شـأن ..
واسـتـوعـبـت أخـيـراً أن الـفـراق لـه جـانـب مـشـرق، وإن أخـفـتـه عـنـا غـشـاوة الأحـزان..
فـأيـقـنـت أن الـضـربـة الـتـي لا تـقـتـلـك، حـتـمـاً سـتـقـويـك ..
مـن كـان لـه أب أو أم، فـلـيـقـبـل رأسـيـهـمـا، ويـطـلـب مـنـهـم الـصـفـح ان كـان مـخـطـئـاً بـحـقـهـمـا، ولـيـقـبـل أقـدامـهـا، فـلا نـدري هـل نـعـيـش أو يـعـيش أحـدهـمـا فـيـأتـي يـوم لا يـنـفـع فـيـه الـنـدم ..
تـحـيـة طـيـبـة لـلـجـمـيـع ...
دمـتـم بـود ..