الكون من حولنا
ما هو الكون؟
منذ أقدم الأزمنة ، و الناس يتطلعون نحو السماوات بدهشة و ذهول . و قبل أن
يتفهموا شيئاً عما كانوا يشاهدونه ، عبدوا الشمس و القمر و الكواكب السيارة
كآلهة . و عندما عرفوا تحركات الأجسام المنتظمة في الفلك ، اتخذوها
مقياساً و أساساً للتقاويم .
و في ليلة صافية يمكنك أن ترى عدداً كبيراً من النجوم ، و بالرغم من أنها
تبدو كنقط صغيرة من الضوء . فهي في الواقع أجسام كبيرة كروية تطلق مقادير
عظيمة من الضوء و الحرارة ، و هي تبدو لنا صغيرة لأنها تبعد عنا ملايين
الكيلومترات . لذا فالفلكيون لا يقيسون المسافات الكونية بالكيلومترات بل
بالسنين الضوئية .
و السنة الضوئية هي المسافة التي يجتازها الضوء في سنة . و تساوي نحو 9
ملايين مليون كيلومتر . و أقرب نجم للشمس و هو ( الظلمان القريب ) يبعد عنا
أكثر من 4 سنين ضوئية ، أما نجم ( ذنب الإوزة ) فيبعد عنا حوالي 650 سنة
ضوئية .
و هناك نجوم أكبر كثيراً من غيرها ، و البعض الآخر أعظم إشراقاً إما لأنه
يطلق مزيداً من الضوء أو لقربه منا . و الضوء الذي تطلقه النجوم مختلف
الألوان . فالنجم الذي يبدو بلون أحمر هو أبرد من النجم الأبيض الأقرب
للزرقة . و أهم نجم بالنسبة لنا هو الشمس و هي تطلق ضوءاً أصفر و تبدو لنا
نسبياً كبيرة ، مع أنها في الواقع أصغر كثيراً و أقل إشراقاً من النجوم
الأخرى ..
و بالرغم من أن النجوم بعيدة جداً بعضها عن بعض فإنها تقع في متجمعات تدعى [
المجرات ] . و الشمس هي واحدة من ملايين النجوم التي لا تحصى و التي تؤلف
مجرتنا [ درب التبانة ] . و بالإمكان أحياناً مشاهدة قسم من مجرتنا ممتدة
كشريط خافت من النجوم في الفلك . و هذا الشريط هو درب التبانة ، و بالإمكان
تقسيم النجوم في المجرة إلى مجموعات أصغر هي الكوكبات أو الصور الفلكية
التي تعرف بأشكالها . و تساعد الأبراج الأشد تألقاً مثل [ كوكبة الجبار ]
في تحديد مواقع الكوكبات أو النجوم الأقل إشراقاً .
أما المجرة فهي ضخمة للغاية و تحتاج مركبة فضائية إلى 100000 سنة ضوئية
لتجتازها . و لكي تصل المركبة إلى أقرب مجرة منا و هي مجرة [ المرأة
المسلسلة ] يلزمها مليونا سنة .
أما مجرتنا فهي واحدة من آلاف ملايين المجرات و كلها تختلف شكلاً و حجماً
عن بعضها البعض . كما توجد في الفضاء أيضاً سحب كبيرة من الغاز و الغبار
تدعى [ السدم ] ، و هكذا يتألف الكون من المجرات و السدم و الفراغ بينها .
و يمكن تلخيص تعريف
المجرة Galaxy بأنها نظام نجمي يرتبط ببعضه و يسير وفق نظم معين ، و يتحرك
في الفضاء ككتلة واحدة مع اختلاف حركة أجزاءه الداخلية . و تتكون المجرة
من بلايين النجوم و الكواكب و المذنبات و النيازك بالإضافة إلى الغبار
الكوني و الغازات [ أهمها الهيدروجين ] و السحب الكونية ، تدور بعضها حول
بعض و تربطها قدرة البارئ بالجاذبية فتجعلها وحدة متماسكة عظيمة . و هناك
الملايين من المجرات في الكون . و هذه المجرات تتحرك منتشرة في الفضاء الكوني .
و يقول علماء الفلك أن المجموعة الشمسية ما هي إلا جزء صغير من مجرة درب
التبانة . و يقدر الفلكيون عدد النجوم في مجرتنا فيقولون أن عددها ما يقارب
100000مليون نجم ، و أنه يستغرق الضوء كي يقطع المسافة من طرف المجرة إلى
الطرف الآخر مئة ألف سنة ، و سمكها من الوسط يقطعه الضوء في عشرة آلاف سنة .
و لسنا نعرف حجم الكون
لكننا نعلم أن المجرات يبتعد بعضها عن بعض بسرعات عظيمة . فالكون إذاً
يتمدد كمنطاد ينتفخ . و يعتقد كثير من الفلكيين أن هذا التمدد مستمر منذ
نشأة الكون
ربما قبل سبعة آلاف مليون سنة ، و قد تكونت النجوم و الكواكب السيارة ببطء
شديد . و النجم يطلق ضوءاً و حرارة لمدى ملايين السنين ثم يخفت ضوءه و
يحتضر ، و في الوقت نفسه تتكون نجوم أخرى من السحب الغازية .
قال الله تعالى : (( و آية لهم الليل نسلخ منه النهار
فإذا هم مظلمون و الشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز الحكيم و القمر
قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر و
لا الليل سابق النهار و كل في فلك يسبحون )) سورة يس من آية 37-40
حتى السنوات الأخيرة كان سكان الأرض يعتبرون أنفسهم مقيدين بالأرض وحدها ،
أما اليوم . و بعد أن تجول الإنسان في الفضاء الذي يحيط بالأرض ووضع أقدامه
على سطح القمر . أصبح بإمكاننا أن نقول أن الإنسان لم يبق مقيداً بالأرض
فقط . بل أصبح رائداً للفضاء أيضاً . و من مشاهدة الإنسان عبر الصور
الواردة من المركبات الفضائية و الأقمار الاصطناعية استنتج الإنسان أن
الأرض جسم صغير يسير في الفضاء بين عدد لا حصر له من الأجرام السماوية و قد
لا يكون حجم الأرض بالنسبة للكون أكبر من حبة رمل بالنسبة للأرض . و في
مقدورنا أن ندرك المسافات بين الكواكب و بوجه خاص بين الشمس و الأرض و بين
الأرض و النجوم القريبة .