[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أحييكم أيها الاخوة الكرام مرة أخرى وأقدم لكم
هذه الرؤية عن تاريخ
بريطانيا الطويل والحافل. وهذا التاريخ الوعر فقد مر بمراحل متعددة
اسمحوا لي أن استعرض أهم ما مر به من تشكلات وتحولات وصولا إلى إحداث
التأثير وتكوين شخصية الإنسان البريطاني بالعصر الحديث.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وأود هنا الانتقال إلى طرح رؤية خاصة حول تطور التاريخ البريطاني
والشخصية البريطانية عبر المراحل التاريخية المفصلية بهذه البقعة المتطرفة
من العالم والتي سادت على الكرة الأرضية ذات يوم وأصبحت الامبراطورية التي
لا تغيب عنها الشمس. وسيكون معياري المستمر لتطور هذه الشخصية على مر التاريخ
اللغة الإنجليزية
وتحولاتها، وذلك بعد كل حقبة تاريخية تمر على هذه البلاد. ذلك إن معيار
تطور اللغة أهم أداة لتقييم الشخصية والثقافة البريطانية عموما.
غموض البداية
لا شك أن عدم وضوح بداية تحديد
هوية من كان يعيش على الجزر البريطانية بالعصور الغابرة من فترة ما قبل
التأريخ أمر طبيعي. لولا أنه تم اكتشاف مستعمرة بشرية تعود للعصر الحجري
بجزيرة أوركني
بشمال اسكتلندا تشير إلى وجود نوع من أنواع الحياة البشرية الحضرية بتلك
الحقبة التي تم تحديدها ما بين 3100 قبل الميلاد إلى 2500 قبل الميلاد. فتم
اعتبار تلك المنطقة مكانا أثريا ترعاه اليونيسكو. وليس من الواضح ما هي
العوامل التي جعلت تلك الحياة البشرية المنظمة بمستعمرة سكارا براي
تتعرض للأفول والزوال. فقد تكون عوامل تغير الطقس القاسية أو الكوارث
الطبيعية الهائلة، أو توالي الحروب والغزوات الفتاكة من قبل القبائل
المحيطة بتلك المنطقة.. لكن مع المعروف تاريخيا أن بريطانيا كانت تقع ضمن الثقافة السلتية
أو الكلتية التي كانت منتشرة بعموم الغرب الأوروبي ما قبل وقوع الثقافة
السلتية فيما بين مطرقة الامبراطورية الرومانية وسندان القبائل الجرمانية
البربرية شديدة البأس . وما هو مؤكد أن بريطانيا تعرضت لاحقا لقدوم
العديد من الزوار الذين بسطوا هيمنتهم عليها. كان أولهم بطبيعة الحال
الرومان.
وصول الأباطرة الرومان لبريطانيا
بحلول العام 43 ميلادية كانت
طلائع القوات الرومانية قد وصلت لبريطانيا إلا إنها لم تتمكن من فرض
سيادتها إلا بعد مدة طويلة جدا. مما يشير إلى المقاومة الشديدة التي أبداها
سكان هذه الجزر وكذلك صعوبة الوصل إليها حيث أن البحار المحيطة ببريطانيا
غالبا ما تميل للهيجان وعدم الاستقرار. وقد يكون هناك سبب آخر ألا وهو
الضربات المتتالية التي كانت تسددها القبائل الجرمانية للامبراطورية
الرومانية عبر جميع أرجاء القارة العجوز ولن تكون بريطانيا
استثناء على كل حال. وقد تكون غزوات الفايكينج والدانمركيين بسفنهم
الطويلة قد حالت دون تحقيق الهيمنة الرومانية بوقت أسرع. وعموما، فإن السيطرة الرومانية على بريطانيا
تحققت بحلول عام 410 ميلادية. فعمل الرومان على فرض اسلوب الحضارة
الرومانية بالجزر البريطانية وجلبوا التطورات الجديدة في مجال الزراعة
والعمران، والصناعة والهندسة المعمارية، وتركوا إرثا لا يزال واضحا حتى
اليوم. لكن الرومان كانوا يشعرون بالقلق الدائم وذلك بسبب الغزوات القادمة
من الشمال حيث القبائل المختلفة من السلتيين أو الفايكينج أو غيرهم.
فأقدموا على عمل قد يكون ترك بعض الآثار على الشخصية البريطانية وهو الفصل
وإحداث نزعة الإنقسام. ونعني بذلك سور هادريان الكبير.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قام الرومان إبان تولي الامبراطور هادريان بإنشاء سور ضخم يفصل الشمال البريطاني
عن جنوبه وذلك لصد القبائل التي تغزو بين وقت لآخر فتقض مضاجع الحكّام
الرومان الجدد. ثم ما لبثوا أن قاموا بإنشاء جدار آخر بالشمال من الأول
سمّي بسور أنتونين ليكتمل الجدارين في غضون عشرين عاما وذلك سنة 142
ميلادية.
والحقيقة أن هذا الفصل ما بين الشمال والجنوب قد يكون خلّف بعض الآثار داخليا، حيث يلحظ المرء مدى عدم ارتياح الشمال البريطاني
الفقير من الجنوب الغني حيث الرخاء والرفاهية إلى يومنا هذا. إلا إن هذه
الأسوار كذلك كانت لها بعض المنافع التجارية والتبادلية بين طرفيها، فرب
ضارة نافعة.
إلا أن الحُكم
الروماني لم يكن ورديا أو بلا شوائب تماما. فقد كانت هناك الكثير من
المظالم وطرق الاستعباد التي زرعت الأحقاد والكره بنفوس سكّان هذا الشعب.
ولعل من أهم نماذج هذه المظالم نموذج الملكة المنتقمة بوديكا.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ربما تكون قصة الملكة بوديكا والتي شكلت أول ثورة في تاريخ بريطانيا
ما بين عامي 60 و61 ميلادية، مليئة بالرومانسية الأسطورية، لكنها على أي
حال تعبر بوضوح عن فكرة تحدي الحكم غير العادل، وتشير بجلاء لشخصية الانسان
البريطاني
الثائر والعنيف بشكل مبالغ به بأحيان كثيرة. ولا شك أن ثورة الملكة بوديكا
قد أدت لحدوث نتائج إيجابية لاحقا رغم قمعها بقسوة من قبل روما التي أدركت
أن نوع الحكم السابق لا يستقيم معه الوضع في بريطانيا
بالذات وذلك لفداحة الخسأئر الرومانية بتلك الثورة حيث تقدر السجلات
التاريخية أن 70 ألف جندي روماني وحليف قد ذبحوا من جراء ذلك التمرد
الهائل. ورغم أنه رقم خيالي وقد يحتوي على كثير من المبالغة، إلا أن
النتيجة المؤكدة هو تغير سلوك نظام الحكم الروماني لبريطانيا نحو الأفضل.
إلا إن الحال لم يدم بالامبراطورية الرومانية بعد تلك الحقبة، فقد جاءت نذر
رياج الضعف والتبدل من روما التي تعرضت امبراطوريتها للانهيار والتفكك
بسبب عوامل داخلية وضربات قبائل القوط المتوالية. فانسحبت القوات الرومانية بعد سقوط روما، وأضحت بريطانيا
بشعبها السلتي آنذاك بلا حماية من كل المتربصين بها من الشرق والشمال.
فأخذت تهاجمها باستمرار قبائل الفايكينج الدموية بما فيهم الدانمركيين
والنورد (النرويجيين). فحاول السلتيون أول الأمر الاستنجاد ببقية الرومان
إلا أن قضيتهم كانت خاسرة. ثم لجؤوا بعد ذلك إلى قبائل جرمانية أخرى ستغير
مجرى تاريخهم إلى الأبد.
يتبع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]