فاروق الشعر / فاروق جويدة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

.


الشاعر / فاروق جويدة

وُلدَ في (10 فبراير 1945 - )

شاعر مَصري ولد في محافظة كفر الشيخ،

وعاش طفولته في محافظة البحيرة،

تخرج في كلية الآداب قسم الصحافة عام 1968،

وبدأ حياته العملية محررا بالقسم الاقتصادي بجريدة الأهرام،

ثم سكرتيرا لتحرير الأهرام،

وهو حاليا رئيس القسم الثقافي بالأهرام.


.

وَيضَيعُ العمرْ

ابحث عن شيء ...يُؤنسني


********


في هذا الزمن المجنون


أبحث أحياناً عن نفسي


كي أهرب من ظلمة يأسي


أمضي كالطيف فألقاها


تقترب قليلاً .. أعرفها


يختلط العمر فلا أدري


هل أحيا يومي .. أو أمسي


نتبادل كالغرباء تحية صبح .. نتناجي


تسقيني أسكر .. ثم أدور .. وأعطيها كأسي


تتسرب في قلبي , عقلي .. وتغوص بحسي


يتصاعد صوتي حين أرها .. ثم تغيب


فيطويني صمتي .. كصراخ الخرس


نتلاشي في الأرض حياري


فأراها في يوم .. عرسي


ننشطر بعرض الكون


فنصبح ذرات كشعاع الشمس


نفترق ونمضي أغراباً ببلاد الله ..


وتحملنا دوامة بؤس


نشتاق ليوم يجمعنا .. لأعود لنفسي



* * * *



في هذا الزمن المجنون


أبحث أحياناً عن نفسي في باقة زهر


ألمحها ضوءاً يتهادي في طلعة بدر


تصرخ في ألمٍ كالعصفور بلدغة قهر


فأري الأيام علي صدري كتلال الجمر


أبحث عن نفسي في الطرقات ..


وعند الباعة .. خلف النهر


تسري أحياناً فوق الموج ..


وبين الأحياء الموتي كطيور الفجر


تتواري نفسي في خجل كسنين العمر


فأدور .. أدور أحاصرها


فأراها تسكن في العينين قصيدة شعر



* * * *



في هذا الزمن المجنون


ما زلت أخاف من الأشياء


أبحث عن شيء يؤنسني


قلمي يتمرد في غضب


يصبح سجاناً يصفعني


دفتر أوراقي أحياناً ..


يبدو سكيناً في عيني


والعمر الظالم أتبعه


والقدر الطائش يتبعني


نبضات القلب تعاندني


أحياناً تخفت .. تهرب .. تصمت ..


ثم تعود وتسألني :


أتريد حياتك بعد اليوم ؟


هموم زمانك تؤلمني


ليتك في يوم تسمعني



* * * *



في هذا الزمن المجنون


لا أفتح بابي للغرباء


فالدنيا حاولي أبواب


لكن السجن بلا قضبان


والخوف الحائر في العينين ..


يثور ويقتحم الجدران


والحلم مليك مطرود


لا جاه لديه .. ولا سلطان


سجنوه زماناً في قفصٍ


سرقوا الأوسمة مع التيجان


وأنتشروا مثل الفئران


أكلوا شطآن النهر ..


وغاصوا في دم الأغصان


صلبوا أجنحة الطير ..


وباعوا الموتي والأجفان


قطعوا أوردة العدل ..


ونصبوا " سيركاً " للطغيان


في هذا الزمن المجنون


إما أن تغدو دجالاً


أو تصبح بئراً من أحزان


لا تفتح بابك للفئران


كي يبقي فيك الإنسان



* * * *



في هذا الزمن المجنون


كثيراً ما ألمح نفسي فوق الأوراق


فأراها تبكي خلف العين ..


وتصرخ حزناً في الأحداق


وأراها في صدري حلماً


يتكسر مني في الأعماق


قد كنت أراها حين أحب ..


وحين أضيع .. وحين أموت من الأشواق


قلبي عاندني من زمنٍ


ما عاد يحب .. ولا يشتاق



* * * *



الناس تقول بأن الموت نهاية عمر


وأنا لا أخشي طعم الموت ..


ولا أخشي أشباح القبر


لكني أكره كالعصفور سجون القهر


أكره أن أغدو أمواجاً يشطرها الصخر


ما أجمل أن تبقي مطراً


وسحاباً يسري فوق البحر



* * * *



في هذا الزمن المجنون


حين أطل علي عمري


لا يبقي شيء من نفسي غير التذكار


تتوارد بين العين هموم العمر ..


وصرخة فجر يخنقها ليل جبار


فالعمر الجامح يتحدي كل الأسوار


يعبر آلاف الممنوعات ..


ويرفض أن يغدو شبحاً .. وظلال غبار


يرفض أن يصبح دجالاً ..


أو لصا في سوق التجار


نفسي أعرفها .. إن سقطت


ستعود وتبني أجنحة


وتحلق بين الأشجار


إن ماتت يوماً


سوف تحطم صمت القبر


وتهدم حولي كل جدار


إن ركعت قهراً .. لن ترضي


ستقوم وتهدر كالإعصار


إن خنقوا صوتي


سوف أغني فوق الريح ..


وتخت الماء .. ولو قطعوا كل الأوتار


فالشمس إذا سقطت يوماً


ستعود وتنجب .. ألف نهار

سيبقي نشيدي

*******

وما زلت ألمح شيئاً بعيداً

يداعب عيني .. كطيف السراب

فحينا أراه ضياء نحيلاً

يصارع ليلاً .. كثيف الضباب

وحينا أراه .. صباحاً عنيداً

يزمجر في الأفق .. خلف السحاب

ودربي طويل .. وقيدي ثقيل ..

وأحمل عمراً كسيح الشباب

وما زلت أحمل ناياً حزيناً

تكسر مني .. علي كل باب

أدور بحلمي علي كل بيت

أعاتب صمتاً طويلاً طويلاً

أصارع حزناً .. كئيباً .. كئيباً

أردد لحناً بأرض خراب

وألقي بعمري علي كل باب

وأغرس حلمي .. فيأبي التراب

ورغم القيود .. ورغم العذاب

سيبقي نشيدي علي كل باب