الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد:
الهمسة الأولى : دع عنك الكسل:
انهض فقد بدأ السباق... انهض قبل أن تجد نفسك في المركز الأخير ... انهض إن
كنت تطمح أن تكون من الفائزين يوم توزع الجوائز يوم العيد ... دع عنك
الكسل وإن كان طعمه أحلى من العسل فإن في آخره علقم ينسيك ما كان فيه من
حلى، ما هي إلا أياماً معدودة وساعات محسوبة تمر مر السحاب وينفض الموسم
وتودع شهر الطاعات وموسم البركات ومضاعفة الأجور والحسنات. إن لذة الكسل
ساعة وتزول وتعقبها حسرة لا تزول ونصب الطاعة ساعة وتزول وتليها فرحة لا
تزول .. اسأل صاحب الطاعة بعد انقضائها هل بقى من تعبها شيء؟ واسأل نفسك هل
بقى من لذة الكسل لك شيء؟! والعاقبة للتقوى.
لا تجعل رمضان
كرجب وشعبان سواء، فإن الله لم يجعلهم سواء. انظر إلى الصالحين ونافسهم
في الخيرات ولا تقل أنا أفضل من فلان وفلان، لا تدع باباً للخير إلا
وتطرقه، نافس على الصف الأول، تصدق ،أكثر من ذكر الله . لا تترك من قيام
الليل ولا ركعة، خصص وقتاً لقراءة القرآن ولا تكتفي منه بالصفحة
والصفحتين ولا بالجزء والجزئين فإن هناك من يختمه في رمضان عشر مرات ،
فانهض واستمد العون من الله واسأله القبول وألح في الدعاء وبالله
التوفيق.
الهمسة الثانية : أي عاقل يفرط في هذا الكنز؟!
عن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ألا أخبركم بخير أعمالكم
وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب
والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ، قالوا:
بلى يا رسول الله قال: ( ذكر الله) . رواه أحمد في المسند وصححه
الألباني.
وفي الترمذي أن رجلاً قال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي وأنا
قد كبرت فأخبرني بشيء أتشبث به قال"لا يزال لسانك رطبا بذكر الله تعالى".
وفي البخاري عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل
الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت". وعن معاذ مرفوعا:
"ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله عز وجل من ذكر الله تعالى".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت
خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" رواه البخاري وفي مسلم: عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن أقول سبحان الله والحمدلله
ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلى مما طلعت عليه الشمس".
سمعنا هذه الأحاديث كثيرا .. ولكن ماذا عملنا ؟ ألسنا مصدقين بها؟ بلى ..
إذن لماذا التفريط؟ أليس من الحكمة أن نتزود بالحسنات الآن قبل أن نأتي
يوم الحساب نعض أصابع الندم ونتمنى الحسنة والحسنتين؟ اللهم يسر أمرنا
واهدنا رشدنا.
الهمسة الثالثة: عليك بالدعاء
احرص على استغلال الأوقات والأحوال التي يستجاب فيها الدعاء ، ومن تلك
الأحوال حال الصيام ، خصوصا إذا كان وقت دعاءك في وقت من أوقات الإجابة كما
بين الأذان والإقامة ، وآخر ساعة من نهار الجمعة ، أو في حال من أحوال
الإجابة كحال السجود . فإن مظنة الإجابة عند ذلك تكون أكبر والله أعلم .
وربما تدعو دعوة واحدة تخرج منك لحظة صفاء وتجرد وتوجه وابتهال وانكسار
بين يدي الله عز وجل قد تحول مجرى حياتك تحولاً جذرياً، وتنقلك من دركات
الشقاء إلى مراتب السعادة. وتعتق بها رقبتك من النار فإن لله في كل ليلة
من ليالي رمضان
عتقاء من النار كما جاء في الحديث. إذن فلنجتهد في الدعاء ، ولعل من
المناسب هنا أن نذكر بأهم أدب من آداب الدعاء وهو البدء والختام بحمد
الله والثناء عليه ثم الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونتخير من الدعاء أعمه وأجمعه ، وأجمع الأدعية هي الأدعية التي كان يدعو
بها الرسول صلى الله عليه وسلم . ويمكن معرفتها عن طريق كتب السُنّة ،
وهناك كتيب للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني جمع فيه أدعيه كثيرة من
الكتاب والسنة وهو بعنوان " الدعاء من الكتاب والسنة" .نسأل الله العظيم رب
العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يغفر لنا ويرحمنا وأن
يتوفانا وهو راض عنا.
الهمسة الرابعة: احفظ عليك هذا
الصيام عن الطعام والشراب هو من أسهل أنواع الصيام إذا ما قورن بصيام
الجوارح. فمثلاً ليس من السهل أن يتمكن كل أحد من حفظ لسانه عن الكلام في
أعراض الناس أو الهمز واللمز أو السباب والشتم. وليس من السهل على كل أحد
أن يحفظ بصره فلا ينظر إلى ما حرّم الله. أو يحفظ سمعه فلا يسمع ما حرّم
الله.
وإذا كان الصيام عن الطعام والشراب مأمور به العبد في شهر الصوم فقط فإن
صيام الجوارح مأمور به في كل وقت، والأحاديث في ذلك كثيرة منها قول النبي
صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه لما سأله: أو مؤاخذون بما نقول يا
رسول الله ؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم
إلا حصائد ألسنتهم. وقوله صلى الله عليه وسلم : إن العبد ليتكم بالكلمة
لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاً . والآيات والأحاديث
في حفظ البصر وحفظ السمع عما حرم الله مشهورة ومعلومة.
ولكن هلا دربنا أنفسنا ونحن في مدرسة الصوم كيف نسيطر على جوارحنا وكيف
نكبح جماحها ونلوي زمامها حتى لا تنزلق بنا في مهاوي الردى، وبذلك نكسب من
هذا التدريب عادة حميدة نسير عليها فيما تبقى من أعمارنا حتى نلقى ربنا؟
نسأل الله أن يوفقنا لذلك إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير
الهمسة الخامسة: احرص على أداء العمرة :
عن أبي هريرة رضي اله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة
إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" متفق
عليه . وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"
عمرة في رمضان تعدل حجة - أو حجة معي" متفق عليه.
هذه من بركات هذا الشهر المبارك ونفحات الرب تبارك وتعالى التي يمتن بها
على عباده في رمضان والسعداء هم الذين يتعرضون لهذه النفحات ويستفيدون
منها.
ولعل من المناسب أن نبين نقطتين قد تغيب عن البعض منا. الأولى أنه ليس هناك
تفضيل للعمرة في العشر الأواخر عن بقية الشهر وبالتالي ليس لها أفضلية
في ليلة سبع وعشرين عن أي ليلة من ليالي الشهر وهذا المفهوم الخاطئ للأسف
هو سبب تزاحم المعتمرين في ليلة سبع وعشرين. والنقطة الثانية: التحلل من
الإحرام بعد العمرة ومعلوم أن التحلل يكون بحلق شعر الرأس أو بالتقصير
منه، ولكن الخطأ الذي يقع فيه عدد كبير من المعتمرين هو الاكتفاء بقص
شعرات معدودات من الرأس اعتقاداً منهم بأن هذا تقصير وهذا بلا شك ليس
تقصير . فلنتنبه لهذا ونسأل الله للجميع القبول
الهمسة السادسة: متى ؟ إن لم يكن في رمضان..
صعد رسول الله صلى الله عليه و وسلم درجات منبره الثلاث وكان في كل درجة
يقول آمين فتعجب الصحابة رضوان الله عليهم وسألوه فقال عليه الصلاة
والسلام: أتاني جبريل فقال يا محمد: رغم أنف عبد أدرك رمضان
ولم يغفر له قل آمين فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف عبد أدرك والديه
أحدهما أو كلاهما فلم يدخلاه الجنة قل: آمين فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف
عبد ذكرت عنده فلم يصل عليك قل: آمين فقلت: آمين".
والشاهد في موضوعنا قوله رغم أنف عبد أدرك رمضان
ولم يغفر له ، كأن جبريل يستغرب كيف يكون هذا لذا فهو يدعو على ذلك
الشقى المحروم الذي فرط في فرصة المغفرة خلال هذا الشهر المبارك حتى
انقضى ومضى ولم يتعرض فيه لنفحة من نفحات الرب تبارك وتعالى والتي كانت
واحدة منها كفيلة بغفران ذنوبه، فلا يحرم بركة رمضان
إلا محروم، ظالم لنفسه. كيف لنا والفرص كلها سانحة للعودة إلى الله
والتوبة والمغرة من الذنوب.. الشياطين وقد صفدت والأجور وقد ضوعفت وأبواب
الجنة وقد فتحت وأبواب الجحيم وقد أغلقت، فيه ليلة خير من ألف ليلة. لله
فيه في كل ليلة عتقاء من النار. ومن صامه إيمانا واحتساباً غفر له ما
تقدم من ذنبه.
فهل بعد هذا الخير عذر لمعتذر؟ اللهم لا. نسأل الله بمنه وجوده وكرمه أن
يكتبنا فيه من الفائزين ويعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وإخواننا
وأزواجنا وذرياتنا من النار.
الهمسة السابعة : يا ضعيف الإرادة قد فضحك رمضان:
في رمضان
تقوى إراداتنا وتشتد عزائمنا ونعمل ما كنا عاجزين عنه في غير رمضان،
ومن ذلك حفظ الجوارح وعلى رأسها اللسان والبصر عن الكلام فيما حرم الله
أو النظر إلى الحرام وكذلك نؤدي العبادات والطاعات ما كنا عاجزين عن أداء
ولو جزء يسير منه ومن ذلك قيام الليل مثلاً ففي حين أننا نقضي مع الإمام
كل ليلة ما يقارب الساعة والربع في صلاة العشاء والتراويح وتزداد إلى
ثلاث ساعات في العشر الأواخر ما بين قيام أو تهجد نجد أننا غير قادرين
على ذلك في غير رمضان
فما السبب؟ إنها الإرادة والعزيمة، فمتى ما أراد الإنسان أن يعمل عملاً
فإنه بإمكانه أن يعمله ومتى ما أوهم نفسه أنه لا يستطيع فلن يعمله. ولعل
الحديث يجرنا إلى إخواننا المدخنين فكثير منهم يحتجون بعدم قدرتهم على
ترك هذه العادة رغم قناعتهم بخطرها على المال والصحة وقبل ذلك التعرض
لغضب الله من جراء مقارفة هذا الأمر المحرم وما يتضمنه من إسراف وتبذير
للمال وإزهاق للروح بتعريضها للأمراض الخبيثة. فالمدخن يصبر في رمضان
ما لا يقل عن 13 إلى 14 ساعة في حين أنه في الأيام العادية لا يستطيع
أن يصبر أكثر من ساعتين... فما السبب ؟ إنها الإرادة والإرادة فقط فلو
عزم على تركه لتركه ولكن ......... نسأل الله أن يتوب علينا جميعا وأن
يبصرنا بعيوبنا وأن يلهمنا رشدنا إنه ولي ذلك والقادر عليه
منقول[/size]