" أيتها العُشبة الغضَّة تحت قدمي
عفوك عني
أنا أدوسك لحظة ،
و يدوسني الناس إلى الأبد
بان مو - شاعر صيني
الأشجار : نباتٌ أرضيٌ ، لكنه سماويُ القامة ،
فلا يقدر أن يطأه أحد .
الناس كالنباتِ ،
فمن كان قد منح نفسه العُشبيةَ فهو سيُعاملُ كما يُعامَلُ العُشبُ ،
يؤكلُ ، و يوطأُ ، و يُجزُّ ، بل ربما أُحرقَ ،
و ربما كان أكلا لما يستحق و ما لا يستحقُ .
و عندها لا يلُم أحداً .
و آخرون كنباتٍ كبيرٍ ، أشجارٍ فارعة الطول ، باسقة في السماء ،
لا ينالها إلا من هو مثلها ، و الأشياء تجذب أشباهها ،
منحوا أنفسهم أحوال الأشجار الكبرى ،
معطاءة ، مُظلة ، مُلتجأٌ إليها ، فكانوا كذلك ،
فعرفهم الناس بهذه وهم لزموا تلك الحال .
العُشبيون يغارون من الشجريين ، فلا يقفون عن بذل النقيصة بهم ،
فإن تطاولَ العُشب ليصل الشجرة انقطع دون أن يُجاوز قدره ،
و لا يمكن الوصول إليه إلا إذا انحنى الشَّجَريُّ إليه ،
فيكون متنازلاً عن محله ، و من ترك مكانه فغيره أحق به .
بين العشبيين و الشجريين مفاوزُ معنوية ، و أُخرى حسية ،
و لا تتم الحسية إلا بتمام المعنوية ، و كلٌّ يعطي الآخر و يُطعمه ،
فعملية الحال بينهما : أعطني و أعطيك .
العُشبيةُ و الشَّجريةُ ، صفتان مكتسبتان ، و قد تكونان جِبِلِّيتان ،
و لكن اكتسابهما أكبر و أشد ،
فكلُ إنسان في حالةٍ فهو مكتسب إياها ،
و كل امريء مُيسَّر لمسعاه .
:::
دمتم بكل الخير