تسمى هذه الظاهرة أيضاً باسم الفجر القطبي أو الأضواء الشمالية، وهي أحد أروع الظواهر الخلابة التي تبهرنا بها الطبيعة على الإطلاق !
ظلت هذه العروض الضوئية المدهشة لغزاً
يحير العلماء طويلاً حتى استطاعت ناسا حل هذا اللغز باستخدام خمسة أقمار
صناعية ليكتشفوا أن السبب هو الآتي:
تلك الألوان المبهرة تنتج من تفاعل
الجسيمات المشحونة بالطاقة المحمولة مع الريح الشمسية مع الغازات في
الطبقات العليا من الغلاف الجوي .
فما مصدر هذه الجسيمات ؟ .. إنها الشمس
التي هي مصدر الطاقة في المجموعة الشمسية و المحاطة بمجالات طاقية تتعاظم
تدريجياً لتبلغ أوج نشاطها في دورة كل 11 عام فتعطي دفقاً عنيفاً من
الجسيمات المشحونة , حيث يظهر على سطح الشمس ما يعرف بالبقع الشمسية و هي
العلامة الواضحة للنشاط الشمسي , يرافق هذه البقع انفجارات على سطح الشمس
تعرف بالنتوأت , هي المسؤولة عن إرسال الجسيمات الذرية المشحونة (بروتونات,
إلكترونات, هيدروجين, هليوم…..)وأيضا الأشعة (السنية, غاما, فوق
البنفسجية)تحمل الرياح هذه الجسيمات المندفعة بسرعة فائقة لتصل إلى أطراف
المجموعة الشمسية ولو تعرضت الأرض بشكل مباشر لهذه الجسيمات لما وجدت
الحياة على الأرض بالشكل الذي نعرفه عليها, فما الذي يحمي الأرض ؟
انه الغلاف الجوي المغناطيسي المحاط
بالأرض , فالأرض عبارة عن قطعة مغناطيسية ذات قطب شمالي أخر جنوبي بينهما
خطوط القوى المغناطيسية التي تتجه من القطب الجنوبي باتجاه القطب الشمالي
لينتهي بنقطتين تدعيان القطبين المغناطيسيين, ونتيجة للرياح الشمسية
القادمة تنضغط خطوط المجال المغناطيسي بشكل حاد من ناحية الشمس وتمتد
بالاتجاه المعاكس مشكلة ذيلاً مغناطيسيا ًطويلاً يمتد مئات آلاف
الكيلومترات , وعند وصول الجسيمات المشحونة تقع في أسر المجال المغناطيسي
فتبداء بحركة لولبية الشكل في نقطتين قريبتين من القطبين المغناطيسيين حيث
تندفع الإلكترونات شرقاً و البروتونات غربً حول الأرض مشكلة حزامات تدعى
أحزمة فان ألن( نسبة إلى العالم الفيزيائي فان ألن) ويكون الحزام الأول
صغير و قريب و يتكون من بروتونات ذات طاقة عالية , والثاني أكبر وأبعد و
يتكون من إلكترونات و برورتونات ذات طاقة منخفضة. عندما يشتد النشاط الشمسي
تمتلى أحزمة فان ألن بالجسيمات المشحونة و نتيجة للسرعة التي تتحرك بها
هذه الجسيمات , فما أن تصل إلى نقطتي القطبين تستمر في اختراق تلك المنطقة
التي هي تقاطع الغلاف الايوني للأرض بالجسيمات المنفلة من الأحزمة ,
فتعطينا شكلاً بيضوياً حول القطب المغناطيسي يدعى النطاق الشفقي فالغلاف
الايوني المكون من مختلف العناصر وفي مقدمتها (النتروجين .الأوكسجين
.الهيدروجين…..)تتفاعل مع الجسيمات القادمة فتتهيج الكتروناتها إلى مدارات
طاقة أعلى وبعودتها تنبثق ألوان ساطعة متألقة هي الشفق القطبي ومن الألوان
التي نراها اللونين الأزرق والبنفسجي يكون مسؤول عنهما غاز النتروجين
والأخضر والأحمر غاز الأوكسجين , بالإضافة إلى ألوان أخرى خلابة, وفي حالة
ازدياد النشاط الشمسي يمتد النطاق الشفقي باتجاه خط الاستواء حيث يمكن رؤية
هذه المناظر الخلابة في كثير من المناطق.
هناك نشاطات وأبحاث علمية للتنبؤ
بالريح الشمسية أشبه بنشاطات التنبؤ بأحوال الطقس,ويقام مشروع علمي ضخم
مركزه النير وج ويشارك فيه كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والنرويج
والسويد وفنلندا يستخدم فيه هوائيات عملاقة مثبتة على ألواح استقبال كبيرة
لجمع المعلومات من الأضواء القطبية الشمالية , تتراصف تلك الألواح لتغطية
أكبر حيز ممكن في السماء وتبعث أجهزة الإرسال أمواجا ًعالية التردد تنعكس
عند اصطدامها بالإلكترونات في الغلاف الايوني الأرضي ويرتد جزء من تلك
الأمواج عائداً إلى الرادار الأرضي لتحليل كيفية استجابة الغازات لوصول دفق
من الجسيمات المشحونة , كما يتم تحصيل بعض المعلومات من المسابر الفضائية
التي تدور حول الشمس.
ومازال العلماء يأملون أن يستفيدوا من تلك المعلومات لفهم الطقس الفضائي والظواهر الجيومغناطيسية بشكل أفضل