نسمع احيانا في بعض المواقف التي تمر بنا (دقة بدقة ولو زدت لا زاد السقا)..فما قصة هذه العبارة المثل..؟؟؟؟
*
*
*
ما أبلغهاقصة ذلك التاجر من مدينة الموصل في شمال العراق ، والتي وقعت
بالفعل مطلع القرن الماضي ، وذاك التاجر صاحب الخلق والدين والاستقامة
وكثير الانفاق على أبواب الخير من الفقراء والمعوزين وباني المساجد ومشاريع
الخير .
فلما كبرت به السن وكان له ولد وبنت ، وكان كثير المال ذائع الصيت ، فأراد
أن يسلم تجارته لابنه ، حيث كان التاجر يشتري من شمال العراق الحبوب
والأقمشة وغيرها ويبيعها في الشام ويشتري من الشام الزيوت والصابون وغير
ذلك ليبيعه في العراق .
فبعد أن جلس مع ابنه وأوصاه وعرّفه بأسماء تجار دمشق الصادقين ، ثم أوصاه
بتقوى الله إذا خرج للسفر وقال : ( يا بني ، والله إني ما كشفت ذيلي في
حرام ، وما رأى أحدٌ لحمي غير أمّك ، يا بنيّ حافظ على عرض أختك بأن تحافظ
على أعراض النّاس ) .
وخرج الشاب في سفره وتجارته ، وباع في دمشق واشترى وربح المال الكثير ، وحمّله تجّار دمشق السلام الحار لأبيه التاجر التقيّ الصالح .
وخلال طريق العودة وقبيل غروب شمس يوم وقد حطّت القافلة رحالها للراحة ،
أما الشاب فراح يحرس تجارته ويرقب الغادي والرائح ، وإذا بفتاة تمرّ من
المكان ، فراح ينظر إليها ، فزيّن له الشيطان فعل السوء ، وهاجت نفسه
الأمّارة بالسوء ، فاقترب من الفتاة وقبّلها بغير إرادتها قبلة ، ثمّ سرعان
ما انتبه الى فعلته وتيقّظ ضميره ، وتذكّر نظر الله إليه ، ثمّ تذكّر وصية
أبيه ، فاستغفر ورجع الى قافلته نادماً مستغفراً .
فينتقل المشهد الى الموصل ، وحيث الابن ما زال في سفره الذي وقع فيه ما وقع
، حيث الوالد في بيته يجلس في علّيته وفي زاوية من زواياها ، وإذا بساقي
الماء الذي كان ينقل إليهم الماء على دابته يطرق الباب الخارجي لفناء البيت
، وكان السّقا رجلاً صالحاً وكبير السن ، اعتاد لسنوات طويلة أن يدخل
البيت ، فلم يُر منه إلا كلّ خير .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الحياة الزوجية
الحياة الزوجية
خرجت الفتاة أخت الشاب لتفتح الباب ، ودخل السقا وصبّ الماء في جرار
البيت بينما الفتاة عند الباب تنتظر خروجه لتغلق الباب ، وما أن وصل السقا
عند الباب وفي لحظة خاطفة زيّن له الشيطان فعل السوء ، وهاجت نفسه
الأمّارة بالسوء فالتفت يميناً وشمالاً ، ثمّ مال الى الفتاة ، فقبّلها
بغير إرادتها قبلة ، ثم مضى ، كل هذا والوالد يجلس في زاوية من زوايا البيت
الواسع يرى ما يجري دون أن يراه السّقا ، وكانت ساعة الصمت الرهيب من الأب
، ثم الاسترجاع أن يقول ( إنّا لله وإنّا إليه راجعون ) ، ثم الحوقله أن يقول ( لا حول ولا قوّة إلا بالله
) ، وأدرك أنّ هذا السّقا الذي ما فعل هذا في شبابه فكيف يفعلها اليوم ،
وأدرك أنّما هو دينٌ على أهل البيت ، وأدرك أنّ ابنه قد فعل في سفره فعلة
استوجبت من أخته السداد .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الحياة الزوجية
ولمّا وصل الشاب وسلّم على أبيه وأبلغه سلام تجّار دمشق ، ثمّ وضع بين يديه
أموالاً كثيرة ربحها ، إلا أنّ الصمت كان سيد الموقف ، وإنّ البسمة لم تجد
لها سبيلاً الى شفتيه ، سوى أنّه قال لابنه : هل حصل معك في سفرك شيء ،
فنفى الابن ، وكرّرها الأب ، ثمّ نفى الابن، الى أن قال الأب : ( يا بني ، هل اعتديت على عرض أحد ؟
) ، فأدرك الابن أن حاصلاً قد حصل في البيت ، فما كان منه إلا أن اعترف
لأبيه ، ثمّ كان منه البكاء والاستغفار والندم ، عندها حدّثه الأب ما حصل
مع أخته ، وكيف أنّه هو قبّل تلك الفتاة بالشام قبلة ، فعاقبه الله بأن بعث
السقا فقبّل أخته قبلة كانت هي دين عليه ، وقال له جملته المشهورة : ( يا بُنيّ دقة بدقة ، ولو زدت لزاد السقا ) ، أي أنّك قبّلت تلك الفتاة مرة فقبّل السّقا أختك مرة ، ولو زدت لزاد ، ولو فعلت أكثر من ذلك لفعل .