[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
"ما حدث في مصر هو بمثابة تحذير"
بمناسبة رأس السنة العبرية، قام وزير الدفاع من خلال مقابلة شاملة بتفكيك وإعادة تركيب أجزاء الصورة في الشرق الأوسط، يشرح من خلالها ماذا كان سيحدث لو ترك الحكومة لكل من ليبرمان ويعلون...
في صباح يوم الجمعة، وقبيل الخطابات التاريخية التي أدلى بها كل من أبو مازن ونتنياهو في الأمم المتحدة، عاد ايهود براك من نيويورك. حيث كان وزير الدفاع جزءاً من البعثة الإسرائيلية التي سافرت إلى الأمم المتحدة لسد الطريق على الخطوة الفلسطينية من أجل الحصول على الاعتراف بها كدولة، وقد ترك الحلبة الدبلوماسية للمتخصصين في المجال- رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. لكن هذا لا يعني أنه كان عاطلاً عن العمل.
يتحدث براك قائلاً: "على الدوام، عندما أصل إلى الأمم المتحدة أتحدث إلى أشخاص من أماكن لا تربطنا بهم علاقات رسمية. في هذه المرة التقيت بالرئيس العراقي جلال طالباني، وسألني كيف الحال؟ فقلت له: "نصلي لأن تكون أموركم على ما يرام، ونصلي لتكون أمورنا على ما يرام." وعندها قلت له أنه في كل مرة أُسأل فيها كيف أتحدث بمثل هذه الثقة عن الوضع في العراق، أجيب على ذلك وأقول إنه باستثناء صدام حسين، أنا كنت رئيس الحكومة الوحيد في العالم الذي كان لديه سبع وزراء عراقيين في آن واحد في الحكومة."
تربط الوزير براك العديد من العلاقات مع قادة من شتى أنحاء العالم، الذين يرون فيه ممثلاً للتيار اليساري وصاحب الصوت المتعقل في حكومة نتنياهو ذات الخط اليميني. وبالفعل، من بين وزراء الحكومة يبرز براك على الدوام بدعمه لإحياء المفاوضات السياسية ويكرر موقفه بأن إقامة دولة فلسطينية في حدود متفق عليها هي مصلحة إسرائيلية في الدرجة الأولى.
ما رأيك في خطاب نتنياهو؟
"شاهدت الخطاب من على محطة سي.ان.ان. لقد كان هذا بمثابة توجه مثير للانطباع ليس فقط للحاضرين في القاعة، وإنما أيضاً للملايين في العالم، الذين حصلوا على شرح واف عن الجذور التاريخية لمواقفنا وعن العلاقة بين المسؤولية من ناحية أمنية لمستقبلنا وبين صنع السلام. بينما كان خطاب أبو مازن ثقيلاً على الآذان، وكله مرارة، وفيه الكثير من السرد غير الدقيق للتاريخ. ولكن هذه هي القصة الفلسطينية. التحدي بالنسبة للسياسة الخارجية الإسرائيلية يكمن في الحقيقة أن هذه الأمور تستوعب في العالم لأنه في نهاية المطاف نحن نسيطر عليهم منذ 44 سنة، والعالم ليس مستعداً بقبول استمرار هذه السيطرة."
كيف تلخص نهاية الأسبوع الماضي؟
فوز إسرائيلي بالنقاط. كذلك في خطاب أوباما وفي المقارنة بين خطابي نتنياهو وأبو مازن. لكن هذا لا يعني أي شيء على المدى البعيد. العالم ما زال مستمراً بالتحرك تدريجياً نحو دعم الموقف الفلسطيني، وعدد أكبر من الجهات تضع علامات استفهام بالنسبة لشرعية الموقف الإسرائيلي. التحدي بالنسبة لنا هو بذل أقصى الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق وتسوية، وفي حال تبين أن أبو مازن ليس شريكاً، من الضروري العمل لإقناع اللجنة الرباعية وأوروبا بأن إسرائيل كانت جدية وأن الطرف الآخر هو المسئول عما آلت إليه الأمور. هذا هو السبيل لمنع التدهور نحو حافة فقدان الدعم العالمي وإحداث الانشقاقات في الوحدة الداخلية فيما بيننا. في حال علقت المفاوضات، عندها علينا أن نتدبر الأزمة من خلال حلول مرحلية والقيام بخطوات أحادية الجانب تكون أقل جيدة. ولكن من دون مفاوضات سياسية سوف تتم مناورتنا بشكل تدريجي حتى نقبع في عزلة دولية."
سوف تحتاج أولاً بأن تقنع رفاقك في الحكومة
"إقامة دولة فلسطينية نتيجة للمفاوضات لا يشكل تهديداً على إسرائيل. هذا ما يحتاجه مستقبلنا كدولة. من يفكر بمصطلحات أخرى فإنه يغض النظر عن الإمكانيات الأخرى. لا يوجد لدى دولة إسرائيل ما تخسره من جراء التوجه إلى المفاوضات من دون شروط مسبقة.
"من طرفنا، علينا أن نتخلى عن جميع الشروط المسبقة كي يكون بالإمكان أن نطلب من الطرف الآخر أن يتخلى عن شروطه المسبقة. لا داعي لأي شيء إضافي. ينبغي التوصل بكل بساطة إلى حوار حقيقي وواقعي. وإن دعت الحاجة، ينبغي علينا أن نضحي بخطوة صغيرة أو تعديل صيغة معينة، بل يجب القيام بذلك. في نهاية المطاف هذه مجرد صيغ لافتتاح الحوار. لن يكون بوسعنا أن نشرح لأنفسنا في المستقبل كيف آلت بنا الأمور بسبب عدد من الكلمات هنا أو هناك، وسوف نصل إلى أوضاع أكثر تعقيداً."
على أرض الواقع، الخط السياسي الذي يقوده كل من ليبرمان وبوغي يعلون في الحكومة يتغلب على الخط السياسي الذي تقوده أنت
"أنا في الحكومة كي أناضل بكل ما أوتيت من قوة لكي لا يتحول هذا الخط إلى أمر واقع في دولة إسرائيل. لو أنني لم أكن في الحكومة، لدي توقعاتي الخاصة بي بالنسبة لوضعنا. لو لم أكن في الحكومة، حسب رأيي، لما كان خطاب بار إيلان ولما كان تجميد الاستيطان. ولست متيقناً كيف كانوا سيتصرفون في جزء من الأوضاع الحساسة التي حدثت قبل شهر مع مصر أو في غزة. نحن لا نقوم بإسداء معروف لأي شخص. وما قمنا به لا يثبت أي نوع من الضعف، بل هو دليل على أننا أقوياء، ولذلك يمكننا القيام بما هو في مصلحة دولة إسرائيل ولا يفترض أن ننجر خلف ما تقودنا إليه الغريزة أو مجرد أحاسيس غير منطقية."
في صيف 2007 عاد براك إلى الحياة السياسية النشطة بعد ست سنوات قضاها كمواطن عادي. لم تكن هذه العودة سهلة. إنها فقط أخطاء وعثرات حرب لبنان الثانية التي شقت له الطريق ليعود إلى حلبة التأثير ويتسلم منصب وزير الدفاع. إن اللقب الذي ألصق به "مستعيد قوة الردع القومية" كان يفترض أن يؤدي به ثانية إلى مكتب رئيس الحكومة، لكن العديد من الأمور لم تكن لتسير حسب ما خطط لها.
في عام 2009 قاد براك حزب العمل إلى هاوية لم يشهدها الحزب في تاريخه، وذلك عندما أحرز 13 مقعداً فقط في الانتخابات للكنيست. استمر براك في منصبه كوزير للدفاع في حكومة نتنياهو تحت ذريعة أن حزب العمل له وظيفة ودور تاريخي في التأثير من الداخل على وجود العملية السلمية. وعندما فشلت المساعي في إحياء المسيرة السلمية وزادت المعارضة من الداخل، انسحب من العمل مع أربعة مؤيدين وأسس حزب الاستقلال.
يستمد براك قوته السياسية من نتنياهو. هذه شراكة شخصية استراتيجية، حيث لا يوجد فيها لحزب الاستقلال دور حقيقي. إن من كان يُفترض أن يضم تحت جناحه معسكر السلام ويرى بنفسه مكملاً لطريق بن غوريون، يتعلق اليوم بقائد اليمين، وموقفه الجماهيري والسياسي آخذ بالضعف. لكن ما يبدو في نظر المراقب فشلاً شخصياً، يبدو في نظر براك فرصاً وآفاقاً جديدة.
براك الذي يقترب من عقده السابع من العمر يبدو هادئاً مطمئناً بما كان قد أنجزه طيلة حياته. ولقد تشتتت كافة المحاولات لاستخلاص القليل من الإحباط منه فيما يخص مواقفه وجدول حياته اليومي اللذين لا صدى لهما في حكومة اليمين التي هو شريك فيها بمقولات مثل: "ليست كل الأمور أبيض وأسود"، أو "الأمور التي تراها أنت من هناك تبدو مختلفة من هنا." يعترف براك بأنه لم ينجح في إقناع أصدقائه في الحكومة بجزء كبير من مواقفه، لكنه مقتنع كل الاقتناع بأنه لو لم يكن في الحكومة، لكان الوضع أسوأ بكثير.
على الرغم من أن الكثيرين يرون فيه الصوت المتعقل في حكومة نتنياهو، يبدو أن تأثيره محدود. لقد توقع بدقة "التسونامي السياسي" وحاول من دون نجاح أن يقود إلى إحياء المسيرة السلمية. لقد اعتقد بأنه يجب تقبل صيغة الاعتذار أمام تركيا، وهو يعتقد أن نتنياهو وشتاينتس يخطئان في طريقة تعاملهما مع الاحتجاجات الاجتماعية. لقد حاول أيضاً، ولم ينجح حالياً، بأن ينهي صفقة شاليط وكان يظن أنه يجب تمديد فترة تجميد البناء في المستوطنات. وعلى الرغم من كل هذا فهو مستمر بالجلوس حول طاولة الحكومة.
خلال اللقاء ينادي براك مرة تلو الأخرى بأنه يجب أن لا نستسلم لكافة التنبؤات المتشائمة بالنسبة لما هو متوقع لإسرائيل بسبب الأزمة مع تركيا وربيع الشعوب العربية والعزلة الدولية وتدهور الجبهة المصرية. يمكن تلخيص الرسالة التي يحاول إيصالها بجملة واحدة هي: "الأهم من كل شيء هو أن لا نخاف أبداً."
مصر وربيع الشعوب العربية
لأي درجة يجب أن نقلق بشأن التطورات في المنطقة؟
"إسرائيل هي الدولة الأقوى من الناحيتين العسكرية والاستراتيجية ما بين طرابلس وطهران. وعلى الرغم من القلاقل التي تعصف بالمنطقة فنحن في وضع جيد. لذلك يمكن أن نتوجه إلى هذا التحدي متسلحين بالثقة بالنفس. يجب أن نتوخى الحذر مما يحدث أحياناً عندما نتعرض لوضع يغمرنا بفائض من الأحداث، ووتيرة من الأزمات كما يحدث ما بيننا وبين مصر من جهة وبيننا وبين تركيا من جهة أخرى. في مثل هذا الوضع توجد حكومات وأشخاص وشعوب تستسلم للشعور بأنه لا يمكننا القيام بأي شيء، وتدمر كل شيء، وأنا أقول، هذا ليس الوضع الذي نحن فيه. لا ينبغي أن ندخل في حالة من الشلل.
كذلك الامر بالنسبة للطرف الثاني، لا ينبغي أن ندخل لفرط في الحركة ولردود نابعة من العواطف دون كثير من التفكير. نغمة "أكلوا طعامي" و "أهانوني" و "من هو ليقول هذه الأقوال". الاحترام والعزة القومية هما شيآن مهمان جداً، وفي كل دولة من اللائق ألا تطغى هذه المشاعر على الأمور المهمة. السياسة لا تتم من خلال التشبيهات والعواطف والتضحية العمياء. القيادة ينبغي أن تتم من خلال برودة أعصاب ونظرة واقعية وذات صلة وثيقة بالمصالح والأهداف القومية. المطلوب في هذه الأوضاع ليس الشلل ولا الحماس الزائد، وإنما المطلوب هو العمل بترو وحكمة وفاعلية في نفس الوقت.
"ذات مرة قال تشرتشل إن الفرق ما بين المتفائل والمتشائم هو أن المتشائم يرى الصعوبة في كل فرصة والمتفائل يرى الفرصة في كل صعوبة. أنا متفائل بطبعي. أرى الفرص من أجل العمل في كافة النشاطات، وليس اليأس والتنبؤات التي تحقق نفسها، ولا نظرة التخوف المتشائمة إلى الواقع. هناك ما يمكن القيام به في المجال السياسي. لا يمكننا أن نغير الاتجاه الذي قررت تركيا التوجه فيه ولا يمكننا أن نغير الأحداث في مصر وحقيقة أنه لم يعد هناك نفس مستوى السيطرة الذي كان في زمن مبارك. لكن يمكننا العمل للحد من الأضرار التي قد تلحق بالمصالح الإسرائيلية."
هل اتفاقية السلام مع مصر آخذة بالانهيار؟
"ما حدث في السفارة في القاهرة كان بمثابة تحذير، وكاد الأمر أن ينتهي بكارثة من شأنها أن تشكل خطراً على اتفاقية السلام وتثير المشاعر في الشوارع في أماكن أخرى، ناهيك عن فقدان الحياة. لقد تم إيجاد حل لهذه الأزمة في آخر لحظة نتيجة للعمل الصائب والتوجيه الصحيح من قبل رئيس الحكومة مع جهات أخرى معينة في جهاز الموساد وجيش الدفاع وعلى الأخص في جهاز الشاباك، فضلاً عن التدخل الأمريكي الذي يجب أن نفكر فيه ونستغله في فرصة أخرى. الأمريكان الذين يساعدوننا على الدوام وفي مرة من المرات يطلبون منا شيئاً مهما بالنسبة لهم يجب أن نحاسب أنفسنا في هذا السياق."
مثلاً؟
"مثلاً، محاولة تسوية النزاع مع تركيا لأن هذا مهم من الناحية الاستراتيجية بالنسبة لهم وليس من دون سبب. على كل حال، الطلب الأمريكي ساعدنا ونجحنا في حل الأمر وعاد يونتان (اسم رجل امن عمل في السفارة) والشباب الخمسة إلى البلاد. الآن يجب إعادة السفارة إلى الوضع المعتاد بشكل آمن. من الواضح أن النتيجة المتراكمة ليست سهلة. نحن على تواصل مستمر ومتواصل في أجهزة الأمن مع مصر، وحتى في هذه الأيام التي تلت زيارة أردوغان- واتفقنا على تغيرات مؤقتة ومحددة في سيناء لنسمح لهم بمواجهة البدو هناك.
مع هذا، أنا أقول لكم إن الأزمة لم تجد طريقها إلى الحل. سيناء هي مكان مهم لكل قيادة مصرية، ولكن لا أعتقد أن القيادة تسيطر حق السيطرة هناك وبشكل كامل. توجد هناك لعبة قوى بين المجلس العسكري الأعلى وبين عامة الشعب في ميدان التحرير، الذي يبعد كل البعد عن الاستقرار."
حالياً، من الواضح أن الحكم القادم في مصر سوف يكون أقل وداً تجاه إسرائيل. لقد تحولت سيناء لتصبح منقطة مشاع للإرهاب. ماذا تفعل إسرائيل من ناحية أمنية وسياسية إزاء تطور مثل هذه الجبهة؟
"هل ما يحدث هناك يعتبر أمرا جيداً؟ هذا ليس بالجيد. لكنني أرغب أن أصف الصورة الأوسع. من يفكر أنه على المدى الطويل ستصمد الأردن وحيدة مع السفارة الإسرائيلية، ليصغي جيداً لما بين السطور في ما يقوله الملك عبد الله الثاني.
بعد أن بدأ ربيع الشعوب العربية وصلت إلي شخصية مصرية رفيعة المستوى وتحدثنا عن الدراما التي تحدث في مصر. من خلال الحديث قال لي: "إيهود، يجب عليكم أن تتوجهوا الآن بكل ما أوتيتم من قوة لحل الموضوع الفلسطيني." لم أفهم ما علاقة هذا الآن، ما هو شأن المسألة الفلسطينية وكل شيء يحترق من حولنا. قال: "له كل العلاقة. لأول مرة في تاريخنا سوف نواجه الديموقراطية وأنا أضع للحظة حركة الإخوان المسلمين جانباً كونهم لم يكونوا عاملاً ايجابياً في اتفاقية السلام، ولكن هناك مجموعة من الأحزاب المدنية ولا أحد لدينا يعرف كيف يواجه ممارسات الديموقراطية النشطة.
سوف يجلبون مستشاري انتخابات من أمريكا ليجروا استطلاعات الرأي، وما سيبرز من هذه الاستطلاعات هو أن الموضوع الوحيد الذي يمكن أن تتميز الأحزاب عن بعضها البعض هو العداء لإسرائيل وربما للولايات المتحدة أيضاً. إذا كانت ولادة هذه الأحزاب تتعلق بالتشديد على كراهية إسرائيل، فسوف يتحول هذا إلى جزء من الواقع الثابت والراسخ لديها، وهذا ما سيكون عليه الحال بالنسبة للإخوان المسلمين. من ناحية أخرى، إذا أحرزتم تقدماً، سوف تساهمون في تقليل التوتر."
أينما نظرت- سواء إلى تركيا أو إلى مصر أو إلى الأردن- من ناحية احتمال حدوث تسوية مع العالم العربي والعلاقة مع الولايات المتحدة وتقليص محاولات سلبنا الشرعية، يمكنك أن ترى أن المسيرة السلمية مع الفلسطينيين هي موضوع مركزي. لا يمكن أن نقول إنه لا مصلحة لنا في حل القضية حيث أصبح النزاع مع الفلسطينيين بمثابة عامل جذب أو يمكن القول بأنه أصبح بمثابة مغناطيس للقوى العاملة في العالم العربي ضدنا وللحركات التي تحاول سلبنا شرعيتنا كدولة إسرائيل. من يظن بأن الشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به إزاء ذلك هو ضم مناطق وكتل الاستيطان أو الضفة الغربية بأكملها، فإنه يعيش في عالم غير واقعي ولا يفكر ما هو البديل وماذا ينتظرنا فيما بعد."
كيف تحضر جهاز الأمن أمام التوتر في الجبهة الجنوبية؟
"لا أعتقد بأنه يجب النظر إلى مصر على أنها عدو. اتفاقية السلام قوية ومتينة، وأية قيادة تتسلم زمام الأمور في مصر سوف تدرك أن البنية التحتية للاتفاقيات الدولية بالنسبة لمصر مرتبطة ارتباطاً متيناً بمكانها في وعي العالم الحر. في مصر يولد في كل تسعة أشهر مليون إنسان ونحو مليون آخرين يقتحمون سوق العمل ويجب أن يتم خلق فرص عمل لهم. مصر مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باقتصادها.
المصدر الرئيسي هو السياحة التي تجلب لمصر 12 مليار دولار في السنة، لذلك يحتاجون للهدوء هناك. يحتاجون للهدوء في قناة السويس أيضاً التي تعتبر المصدر الاقتصادي الثاني، حيث تدر عليهم 6 مليارات دولار سنوياً. كذلك، المساعدات الأمريكية بقيمة 2 مليار دولار، هذا المال سيكون في خطر. لذلك، فإن أهمية ومركزية اتفاقية السلام في أي وضع كان سوف تستمر بكونها مصلحة عليا.
"لا أعتقد بأننا أمام حاجة ملحة للاستعداد عسكرياً. من ناحية أخرى، قلنا مراراً وتكراراً بأنه لا حاجة لمعلومات استخبارية سرية كإنذار استراتيجي بالنسبة للتغير في الشرق الأوسط. نحن نرى العناوين في الصحف. من الواضح أنه يجب الاستعداد لإمكانية حدوث عمليات إرهابية محتملة من سيناء. هم يستعدون ونحن يجب أن نستعد أيضاً ولا يمكننا الاعتماد بشكل كامل على أنهم لن ينجحوا."
هل يجب أن نستعد أم أننا نستعد؟
"نحن نستعد، نستعد. على سبيل المثال إقامة الجدار الذي رفعنا من وتيرة العمل فيه- جدار ضد المتسللين سواء في مواجهة الذين كانوا يبحثون عن عمل أو أولئك الذين يبحثون عن الإرهاب وهناك المزيد من الاستعدادات في مجال مكافحة الإرهاب. لا أظن أن من الصواب التحدث عن هذا علانية. إذا كنا نبدأ بالتعامل مع مصر على أنها دولة خصم فإن هذه نبوءة تحقق نفسها."
تحدثت عن تسلسل الأمور في القاهرة التي تؤدي إلى تحطيم اتفاقية السلام. كيف تقوم أجهزة الأمن بتحويل الموارد إلى هناك؟
"نحن لا نوجه موارد إلى هناك. بسبب مصر وبسبب مبنى الشرق الأوسط، إسرائيل بحاجة لقوى مرنة يمكن نقلها بسرعة من ناحية لأخرى. منذ حرب الاستقلال كان يشكل هذا الأمر على الدوام أفضلية بالنسبة لنا ومرونة حركة قواتنا. لا يوجد لدي أكثر من هذا لأدلي به بالنسبة لمصر. ما نسمعه اليوم من مصر هو التزام باتفاقية السلام والاتفاقيات الدولية. صحيح بأن وظيفتنا هي أن نفكر بالمزيد من الأمور، لكن التركيز الآن هو على محاربة الإرهاب لأن الإرهاب موجود حالياً."
ما هو الاحتمال أن تتوصلوا إلى استنتاج وفق المصلحة الإسرائيلية يتطلب قيام مصر بإدخال قوات إلى سيناء على نحو ثابت وبقدر أكبر مما تسمح به اتفاقية السلام؟
"أعتقد أن لنا مصلحة بأن نسمح بذلك في حال إمكانية إبداء نوع من المرونة من خلال اتفاقية السلام لفترات زمنية معينة. نحن الآن نصادق على ذلك شهراً بشهر ولا يوجد لديهم أي استئناف أو اعتراض على ذلك."
وهل توجد نتائج؟
"لا يمكن أن تقارن أبداً بين ما كان ليحدث لولا ذلك. لقد سمحنا بإدخال ستة كتائب بشكل متفق عليه. كل مرة يدخلون لمدة شهر ويفحصون فيما إذا هناك حاجة. على سبيل المثال، أنبوب الغاز. هم يقولون: "هل تريدون أن نحرس أنبوب الغاز؟ نحن بحاجة لجنود لهذا الأمر." من كان يحرس أنبوب الغاز أو الماء أو الكهرباء في الماضي يعلم أن هذا الأمر صعب للغاية. على المتسلل أن يصل مرة واحدة عندما لا تكون القوات في الجوار وبحوزته عبوة ناسفة ليضعها على الأنبوب. نحن نريد أن يسيطروا كما يجب في العريش، وفي الشيخ زوعيدة وفي شرم الشيخ. المنطقة أكبر من دولة إسرائيل بثلاث مرات. ونحن نعرف كم فرقة يوجد في دولة إسرائيل فقط من أجل الحفاظ على الأمن الداخلي."
هذا يعني بأنك لا تستبعد إمكانية تواجد مصري ثابت في سيناء
"لماذا تواجد ثابت؟ لماذا علينا أن نقترح أو نفكر بأمر ثابت عندما تتيح الاتفاقيات لهم بأن يدخلوا القوات بشكل مؤقت وتسمح بتمديد الفترة الزمنية في حال تغيرت الظروف وأن يخرجوا هذه القوات في حال تغيرت الظروف في الاتجاه المعاكس. لا يمكننا أن نمسك العصا من كلا طرفيها. من ناحية نقول لهم، كيف لا...
تنجحون؟
القوى المنتشرة على طول الحدود هي ليست القوى الأكثر جودة لدى الجيش المصري. يوجد هناك نقطة التقاء ما بين المصالح."
ما هي الأدوات الموجودة اليوم، حتى يتم إكمال الجدار، لمواجهة هذا الأمر؟
"الأدوات هي الإنذار والمخابرات ونشر القوات وتوخي الحذر من قبل المواطنين والاستعداد لقيود معينة يمكن أن تأتي من الإنذارات الساخنة وكذلك ألا نخاف مطلقاً. لقد واجهنا أموراً كهذه وأكثر صعوبة من الإرهاب في سيناء. هذه ليست جبهة سهلة، لكنها لا تشكل تهديداً على وجودنا وعلى حياتنا الاعتيادية. هذا يهدد الأمن على طول الحدود وأحيانا على ايلات ويجب الاهتمام بمنع حدوث لك."
هل يوجد تعزيز للقوى في المنطقة. يوجد الآن "خط مصر"، وهذا لم يكن منذ فترة وجيزة
"صحيح، نحن نعزز القوات ونعزز الوسائل ونوضح الخطوات ونحاول أن نزيد من الإصغاء في المخابرات، نطلب من المصريين أن يعملوا بأنفسهم. وهم يتحركون، بغض النظر عن أن تحركهم أقل مما يمكن أن نتمناه وأفضل مما نخشى من أن يحدث. لا أظن بأن هذا من التهديدات الجدية بالنسبة لإسرائيل. حماس وحزب الله - وبالتأكيد إيران - هي تهديدات أكبر ثقلاً من الإرهاب في سيناء. ومع ذلك، لا ينبغي أن نقلل من أهمية هذا التهديد."
الأزمة مع تركيا
هل توافق على المقولة بأن أردوغان قد دخل في الفراغ الذي تركه مبارك من خلفه كقائد للعالم الإسلامي، وكجزء من الدور الذي أخذه على عاتقه وهو يقوم بهذه الخطوة ضد إسرائيل؟
"لا أقترح بأن نضع أنفسنا في المركز. نحن لسنا السبب ولسنا الهدف الرئيسي. تركيا تمر بعمليات عميقة منذ سنوات طويلة. هذا لم يبدأ البارحة ولا في مرمرة. الحدث المصمم لما يحدث، هو ما حدث مع الاتحاد الأوروبي. فقد قام الأتراك طوال سنوات عديدة بإلغاء قوانين وتغيير الدستور واستبعاد الجيش عن مواقع التأثير.
بعد كل ما فعلوه من خطوات كانت جزءاً من متطلبات الحصول على عضوية في الاتحاد الأوروبي، وخطوات أضعفت المؤسسات العلمانية في تركيا، لم يتم قبلوهم وكانت خيبة الأمل كبيرة وأدت إلى زيادة قوة الحركة الإسلامية في الدولة. تركيا دولة ديمقراطية في نهاية المطاف، لكن كل هذه الخطوات أضعفت الجيش وسمحت بحدوث هذا التوجه نحو الشرق، ودور القوة الإقليمية التي يبحثون عنها لأنفسهم."
ومع ذلك، إسرائيل هي الخاسرة من هذه المسيرة
"هم الذين بدئوا سلسلة المشاحنات معنا وما زلت أقول إنه لا مصلحة لنا للعبث مع تركيا. ليس مكتوب في السماء بأنها يجب أن تكون عدونا. لا شأن لنا بأن نوحد كافة خصومنا. تركيا هي واحدة من أهم أربع دول في الشرق الأوسط سوية مع مصر والسعودية وإيران. بينما تنكمش السعودية على نفسها ومصر تمر بما تمر به وإيران عدوانية، لا مصلحة لنا بأن نزيد من حدة الأزمة مع تركيا. هذا ما يمليه المنطق والعقل السليم.
إليك بمثال: قبل أربع سنوات وُجد صهريجان من الوقود خارجان في مكان ما في حقل في تركيا. وقد كتبت عليها أحرف عبرية. ادعى الأتراك حينها بأن طائرتنا طارت فوق مناطق تابعة لهم وطلبوا اعتذاراً. وبعد تشاور هاتفي لمدة 20 ثانية بيني وبين أولمرت، اعتذرنا. ماذا حدث؟ هل خدشت كرامتنا الوطنية؟"
اقترفنا خطأً عندما لم نعتذر بشأن مرمرة؟
"لا أقوم بتوزيع العلامات علينا. لا أضع باللوم في هذه المسألة علينا."
انت تظن أنه يجب أن نتقدم باعتذار. لماذا لم تنجح في إقناع رئيس الحكومة؟
"لأن الحياة معقدة أكثر مما يبدو في ظاهر الأمر. أحياناً حتى القوى الصادقة لا تنجح بالإقناع."
ومع هذا؟
"يوسف تشحنوفر الذي خاض في هذا قام بعمل جيد جداً. أنا أعارض هذا التقسيم لفئة تحب أن تعتذر وأخرى لا تحب أن تعتذر. أنا أفهم بالأمن والكرامة القومية والقوة بقدر لا يقل عن بوغي وليبرمان. أنا أعتقد فقط أن الصورة التي تتكشف هي ليست الصورة الصحيحة. لم يُطلب من إسرائيل أن تعتذر عن حقيقة فرض الحصار والطوق على غزة، ولم يُطلب منها الاعتذار عن منع التهريب أو توقف السفن ولا على استخدام القوة. كتب في تقرير بالمر بأن كل هذه الأمور قانونية وتمت حسب القوانين، حتى لو كانت هنا أو هناك ملاحظة معينة.
لقد طُلب من إسرائيل أن تعتذر عن أخطاء تنفيذية - في حال كانت هناك مثل هذه الأخطاء - التي لها علاقة بفقدان أرواح. ربما عندما تقوم لجنة تيركل بنشر تقريرها كاملاً سوف يتبين أنه كانت هناك أخطاء تنفيذية. بعد بضع ساعات من الحدث قلت بشكل واضح إننا نأسف جداً على فقدان الأرواح. سوف نستمر بإيقاف السفن وسوف نستمر باستعمال القوة في حال رفضوا التوقف لكننا نعرب عن أسفنا فيما يتعلق بفقدان أرواح القتلى. ماذا حدث؟ لم يحدث أي شيء."
في الواقع أنت تقول إنه كان علينا أن نقبل بصيغة تشحنوفر
"في حينها اعتقدت أن الصيغة التي جلبها تشحنوفر لم تكن جيدة بما يكفي، ولكن بالنظر إلى الحدث المؤسف الذي وقع وسقوط قتلى، ما كان علينا أن نختار بين الاعتذار أو عدم الاعتذار. كان من الأفضل أن نتوصل إلى تسوية للأزمة مع الأتراك، وجزء من هذه التسوية هو اعتذار وجزء منها الاتفاق على إنشاء صندوق طوعي للتعويضات، وجزء آخر هو التزام حكومة تركيا بألا تقدم على مقاضاة محاربي الفرقة البحرية الخاصة، وألا يتجهوا إلى المحكمة الدولية، وحتى لو تقدم أحدهم برفع دعوى، فلن تنضم الحكومة التركية ولا العائلات لهذه الدعاوى.
لم ندخل لوصف مفصل لكافة الإمكانيات، لكن قلنا عندما ترغب تركيا التي تشعر بالإهانة بأنها تستنفذ هذا الأمر فلديها طرق أخرى للقيام بذلك ويجب أن نسأل أنفسنا إن كان هذا من الصواب بالنسبة لنا أم لا. من يعتبر بأن هذا الأمر منوط بمكانتنا في الشرق الأوسط، فهو لا يفهم كيف تسير الأمور في الشرق الأوسط."
وهل كان رئيس الحكومة يميل لتقبل ذلك؟
"أظن أن رئيس الحكومة فهم ذلك. في مرحلة معينة دارت الأمور باتجاه آخر."
تعال لنتحدث عن قضية المسؤولية الشخصية: كان نتنياهو في كندا، أنت قدت عملية السيطرة على مرمرة. بعد ذلك، خلال المسيرة التي وصفتها، لم يقبل موقفك بالنسبة للاعتذار. قد تدفع ثمن شخصي في حال توجهت تركيا إلى المحاكم وربما لن يكون بوسعك التجول في العالم. ألا تقول لنفسك، "لقد فشلت"؟
"أنا لا أقول لنفسي بأن شخصاً ما سوف يقاضيني. من الواضح أنني أتحمل المسؤولية الشاملة لكل ما يحدث في جهاز الأمن. أظن أنه قد حدث عدد من الأخطاء التنفيذية وأفترض أن تقرير المراقب سوف يتطرق إلى ذلك، وكذلك في تقرير تيركل الكامل عندما يتم نشره.
أنا أعمل في مجال لا يمكن أن تكون فيه النتائج كاملة مئة بالمئة دوماً، لكنني أشعر بالثقة بالنسبة لكل قراراتي والأمور التي قمت بها من قبل، من بعد وخلال الحدث. صحيح أن النتائج ليست كما أردنا، ولذلك لم أتوانى حتى في ذلك اليوم بأن أقول إننا نعرب عن الأسف. جيد أننا قمنا بفرض الحصار، ولنا كل الحق بأن نوقف السفن وسوف نسمح دوماً لجنودنا بأن يستعملوا القوة عندما يكون هناك تهديد على حياتهم ولقد استعملوها عندما كانت حياتهم في خطر.
ومع هذا نحن نأسف للحقيقة أن بعض الأشخاص فقدوا حياتهم هناك على الرغم من أنهم كانوا نشطاء يمارسون العنف وتابعين لمنظمة استعملت العنف عن قصد. هذا كل ما في الأمر."
إلى أي حد يمكن أن تتدهور الأمور مع تركيا؟
"كوزير دفاع لا أقترح على أي شخص بأن يصاب بالذعر من أي شيء، ومع ذلك يتعين علينا ألا نقلل من أهمية أي شيء. لكن، أنا أعتقد أن زيادة التفصيل في هذه الأمور بلا جدوى. نحن دولة قوية ومستقرة، لا مصلحة لنا أبداً في تصعيد أي نزاع مع تركيا. لا ينبغي أن نصاب بالذعر ولا ينبغي أن نتسرع. أنا ضد النقاش حول إمكانيات مستقبلية يمكن أن تتحول في واقع وسائل أعلامنا الشفافة إلى نبوءة تحقق نفسها وتثير الطرف الآخر.
كما توجهنا إلى الأمريكان وقلنا لهم إنهم سوف يحسنون صنعاً إذا وجدوا طريقة للتوجه إلى أردوغان وأن يطلبوا منه أن يخفف من وتيرة التصريحات الجديدة صباحاً ومساء، عندها في مرحلة معينة - عندما نجحوا بإيقافه لبضعة أسابيع، أتوا إلينا وقالوا، "عفواً" هل بوسعكم أنتم أيضاً أن تسيطروا على عدد من الوزراء في حكومتكم الذين لا يمضي يوم دون أن يوزعوا العلامات أو يصفون سيناريوهات لما قد يحدث مع تركيا في حال استمرت في مواجهة إسرائيل؟" مع هذا أنا لا أفهم هذا القلق وكأننا إن لم نقل شيئاً معيناً فإن مكانتنا سوف تتبخر لا سمح الله."
في جهاز الأمن يتعاملون بكل جدية مع التهديدات التي تسمع في الأسابيع الأخيرة من تركيا حول تعريف سفن البحرية وطائرات سلاح الجو على أنها عدو؟
"لقد طرحت إمكانية مرافقة تركيا للسفن قبل مرمرة وأعربنا عن رأينا بأن هذا ليس بالأمر الحكيم والصحيح، لكنني لا أظن بأنه يجب الإسهاب ولا أظن أن هذا سوف يحدث بالغد. يجب أن نستعد لعدد من السيناريوهات في جيش الدفاع الإسرائيلي، وليس من خلال صفحات الجرائد، ولا شك بأننا نتحضر."
على خلفية تصريحات الملك وإخلاء السفارة، أين مكان الأردن في مسيرة "ربطة العنق الخانقة هذه"؟
"لا أظن أن هذه ربطة عنق خانقة. المملكة الأردنية تمر أيضاً بفترة توتر ونحن أيضاً يجب أن نحافظ بالأخص على الانضباط والعمل بكل هدوء. آمل بأن لا يخرجوا لدينا بتصريحات لا مكان لها. تحاول الأردن أن تقود المسيرة بحذر، وتحاول أن تمنع ربيع الشعوب العربية من أن ينضج في داخلها. الأردنيون في مكان أفضل بقليل. هناك وجود معين لجهات إسلامية في البرلمان، وهناك مخرج معين للكبت المتولد عن التوتر ما بين الملكية المندمجة مع الغرب والتي على صداقة مع إسرائيل وما بين الجهات الإسلامية. بشكل طبيعي فإن لهذا الأمر أبعاد دراماتيكية.
ما سيحدث في العراق وسوريا ومصر مهم جداً. كيف سنتصرف أمام الفلسطينيين- كل هذه الأمور تؤثر عليهم. أتحدث بين الحين والآخر معهم وهم أيضاً يطرحون توقعهم بأن يرونا نتقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين. أنا أقول لكم، هذا الموضوع مهم جداً."
كيف تعمل إيران وأعوانها - حماس وحزب الله - مقابل ربيع الشعوب العربية؟ ما هي الخطوات التي سوف تقدم إيران على القيام بها ضدنا وبشكل عام؟
"تستمر إيران بكونها تهديداً مركزياً على النظام العالمي والإقليمي، ولم يتغير أي شيء. إنهم عامل سلبي جداً، سواء كان ذلك من ناحية سعيهم الدؤوب للحصول على سلاح نووي أو وفي سعيهم بالحصول على اكبر فائدة ممكنة من ربيع الشعوب العربية من أجل الدفع قدماً نحو السيطرة الإيرانية على منطقة الخليج على وجه التحديد وعلى العالم العربي بأكمله. إنهم يقدمون الدعم للإرهاب في كافة أنحاء الشرق الأوسط - وفي أفغانستان وباكستان والصومال واليمن ودول أفريقيا.
في المرحلة الأولى فرحوا كثيراً بما قد جرى. حيث شاهدوا أكبر منافسيهم وخصومهم، وعلى رأسهم مبارك، يسقط، والآخرين ينكمشون وتلسعهم ألسنة اللهب، بينما عندهم الحكم عنيف بدرجة كافية ليطفئ ألسنة اللهب وهي صغيرة. ومنذ أن تبين أن عائلة الأسد، حليفتهم، توشك أن تفقد الحكم في سوريا، قل شعورهم بالأمن.
إن حدث هذا، فسوف تكون ضربة غير سهلة بالنسبة لهذا المحور المتطرف وسوف يضعف هذا بشكل غير مباشر حزب الله وربما حماس أيضاً. لذا فقد قل رضاهم عما كان عليه الحال من قبل. في اللحظة التي يصبح فيها الوضع في الخارج أسهل، فسوف تكون مشاحنات أكثر في الداخل، لكنني لا أريد الخوض في هذا."
ما هي احتمالات تشكيل محور إيراني-تركي-مصري؟
"لا أعتقد بأنه سوف يكون مثل هذا المحور. في تركيا لا ينظرون إلى مسألة إيران بمنظار أبيض أو أسود كما هو الأمر لدينا أو كجزء من الجهات السياسية في العالم الحر. في نهاية المطاف، إيران وتركيا هما خصمان بشكل طبيعي وليستا شريكتان بشكل طبيعي.
قبل نحو سنة كنت في آسيا السوفيتية سابقاً. يوجد هناك نزاع قوي جداً بين التأثير الإيراني وبين التأثير التركي، ونزاع له خلفية عرقية وتاريخية. كذلك في مسألة سوريا هم يعتقدون العكس. الإيرانيون يساعدون ويساندون الأسد بكل وسيلة، بينما تركيا قررت التحفظ على ذلك. بالنسبة لنا من المهم أن يبقى كل منهم على حدة وأن تكون لنا علاقات جيدة على الأقل مع الجبهتين الأكثر اعتدالاً - تركيا ومصر.
يفضل أن لا يتكون أي محور ضدنا، لكن لا يمكنني أن أقلل من أهمية هذا الاحتمال ولا تتعلق كافة الأمور بتأثيرنا في المنطقة. توجهي هو أن لا نصاب بالذعر من أي شيء، وألا نقلل من أهمية أي شيء، وأن نعمل بحسب المصالح الحقيقية بالنسبة لنا- لكن ليس من خلال الشلل ولا بنزعات عاطفية دون استعمال المنطق والعقل."
رئيس الموساد السابق، مئير دغان، قال مع انتهاء فترته بأنه يخشى بأنه لن يكون هناك من يوقف نتنياهو وبراك من القيام بمغامرة محتملة ضد إيران، ويشاطره في ذلك الرئيس السابق لجهاز الشباك يوفال ديسكين ورئيس الأركان السابق غابي أشكنازي
"هذا التصريح غير لائق لدرجة أنه لا يستحق الرد عليه."
مستقبله السياسي
على الحائط في مكتب وزير الدفاع معلقة صور لبن غوريون ورابين، إلى جانب نتنياهو وبيريس. وفي ذلك بعض السخرية، حيث أنه ومنذ زمن بعيد كان براك يعتبر مكملاً لطريق قادة حزب العمل، محط آمال اليسار المعتدل. واليوم هو خارج الحزب، يقف على رأس قائمة صغيرة - حسب استطلاعات الرأي - وذات احتمال ضئيل بأن تخطى بنسبة الحسم في الانتخابات، بينما رؤساء حزب العمل واثقون بأنهم على موعد مع فجر يوم جديد.
إذن في نهاية المطاف شيلي يحيموفيتش هي وريثتك
"أعتقد أنها تمر بأمر جيد، والآن بقي أن تمر باختبار الانتخابات. هل تريدون مني أن أخرب عليها من خلال الإطراء عليها؟ لا شخص يحسد ابنه أو يغار منه، وكذلك من تلميذه أو وريثه. أنا أتمنى لها كل خير وقد اتصلت بها. أتمنى لها النجاح في طريقها."
هل لديك نصيحة من خبرتك الواسعة تسديها لها؟
"لا. إنها في مجال السياسة منذ ست سنوات وهي تستوعب الأمور بسرعة. أتمنى لحزب العمل كل الخير، هم في طريقهم ونحن في طريقنا. نحن نقود الطريق الأصلية لحزب العمل. الطريق الرسمي المركزي بروح مبادئ وثيقة الاستقلال- المجتمع المثالي الذي رآه بن غوريون - مجتمع متضامن ومتطور. سوف نحاول أن نقنع الناخبين بأننا نحن من نمثل هذا المجتمع على أفضل وجه، وأفضل من حزب العمل ومن حزب كديما."
هل تشتاق؟
"أنا أسأل نفسي سؤالاً واحداً فقط: هل قمت بكل ما يمكنني القيام به في كل نقطة زمنية من أجل الدفع قدماً بالأمور التي تقع تحت مسؤوليتي. منذ اليوم الذي وصلت فيه إلى الحزب حاولت أن أقنع حزب العمل بالتخلي عن الانتخابات التمهيدية. لقد بدا ذلك في نظري مسألة مثيرة للشك. قلت: "هل ترغبون بقائمة جيدة بالفعل؟ أقيموا لجنة تنظيمية. أو ابحثوا عن طريقة تختار فيها اللجنة 30 شخصاً وتقوم اللجنة التنظيمية بإدراجهم."
منذ ولدت، وأنا أوشك بأن أبلغ ال-70 بعد قليل، كان لليكود أربع شخصيات قيادية- بيغين وشامير وشارون ونتنياهو. منذ ولد حفيدي، وهو في التاسعة من عمره الآن، كان هناك ست شخصيات قيادية في العمل والآن الشخصية السابعة. من كل هذه المجموعة أنا من نجح بأن يكون قائداً لأطول فترة. أنظروا إلى ما يحدث وأنا لست هناك وسوف ترون ماذا سوف يحدث بعد هذا الأسبوع.
لنقل إنني لا أعتبر شخصية سياسية محنكة. كان فؤاد بن اليعازر يقول إنه لا يزال هناك ما علي أن أتعلمه وأن أعترف بالذنب. لقد كان من الشخصيات السياسية الفذة المحنكة في إسرائيل. يمكن قول عدة أمور بالنسبة لعمير بيرتس بدوره كوزير دفاع أو باستعمال الناظور، لكن لا شك بأنه شخصية سياسية محنكة وذات خبرة. أنا أحب الأعضاء في الحزب، وهناك عدد منهم أمضوا معي منذ 15 سنة. لقد تجرأنا على النهوض وتركت الحزب أمامهم فلم يجرؤوا على ذلك."
لو استمرت استطلاعات الرأي على ما هي عليه حول عدم إمكانية نيل قائمة الاستقلال نسبة الحسم حزب، هل ستتقدمون للانتخابات على الرغم من ذلك؟
"لا شك، تحدث عدة تغيرات وهناك عدد من استطلاعات الرأي التي تنبأت للقائمة بأن تنال نسبة الحسم. أظن بأن نسبة المصوتين لنا سوف تزداد على خلفية الواقع المعقد للغاية الذي نعيشه في دولة إسرائيل والبحث عن أشخاص ذوي رؤية مركزية وموضوعية وهادفة دون تلاعب أو حيل سياسية."
هناك من يعتقد بأنكم سوف تكونون شعبة في الليكود في الانتخابات القادمة
"هذا مجرد كلام، وجزء من اللعبة. على المحللين السياسيين أن يحللوا كل الوقت ويبحثون ويقلبون في كل شيء. لو أن الناس استثمروا طاقتهم في أن يصحح كل منهم حزبه بدلاً من التوقعات والتحاليل، لكانت الحياة العمومية في إسرائيل أفضل بكثير."
هناك شعور عام بأن انسحابك ساعد حزب العمل كثيراً
"قسم مما حدث في حزب العمل هو أنه مال إلى اليسار أكثر فأكثر، واتجه إلى مواقف حزب ميرتس. لكن حالياً، هناك أمراء التعديلية- أولمرت وليفني وحتى بيبي- قد اقتربوا إلى المركز. هذه مواقف أكثر حكمة وتعقل ويجب فقط العثور على الجرأة والتوقيت الملائم لترجمتها إلى حسم سياسي بلا خوف.
ماذا يوجد لدينا هنا؟ يوجد حذر سياسي. إن كنا نخشى طيلة الوقت بأن المفاوضات سوف تعرض الحكومة والليكود للتآكل من قبل ليبرمان أو بوغي، إذن توجد حالة شلل للمبنى السياسي الداخلي، بسبب الخوف من اللحظة التي سوف نتقدم فيها نحو الأمور التي تصب في مصلحة الدولة، وسوف يقوضون لنا القاعدة الحزبية والحكومية التي نستند إليها.
كان هناك رؤساء حكومة قالوا: "حسناً، أنا أسير في الدرب وليكن ما يكون"، ويدفعون الثمن. رابين سار على عكس ما بدا رغبة للشعب في ذلك الوقت ودفع ثمناً باهظاً جداً. أنا سرت ودفعت ثمناً- طبعاً أنا لا أقارن هذا بالثمن الذي دفعه رابين. هذا هو الاختبار الأعلى بالنسبة للقيادة. ليس فقط كيف تبقى لوقت أطول إنما كيف تعمل من أجل تغير الواقع ومنع أسوء الأمور."
مع القليل من القوة السياسية من خلفك، ما مدى تأثيرك بالفعل؟
"في الحكومة أنا أسمع كصوت متعقل وبارد الأعصاب، وذو تأثير كبير جداً. أنا أنادي من أجل حوار إسرائيلي - حوار جدي أفقي. بعض الأصدقاء الذين ذكرتهم من قبل (داغان وديسكين وأشكنازي) وصفوا الأمر أفضل وصف عندما قالوا إن هذه الأقوال هي بمثابة البحث عن النزاع والشقاق، وفي مقالات المحللين قيل إننا نخاف وإنا في موقف ضعف وتوجد خيام واحتجاج ومن الواضح أن بيبي وأنا سوف نستغل العملية التخريبية التي حدثت وبأننا سوف نسعى للقيام بحرب.
في اللحظة التي يتبين بها بأنك لا تسعى للحرب، تصبح أرنباً أو جباناً، "أنتم متخاذلون"، "كيف تدعون المواطنين يعيشون تحت وطأة الصواريخ", أنا أقول إن الحياة ليست مجرد صفحة معزولة، وإن السياسة الجدية، التي تلائم دولة بوضعنا، هي ليست مسعى لحرب أو جبن. الحياة ليست على هذا النحو."
إذن كيف هي؟
"معظم الوقت نحن نقيم الحوار، ونحاول أن نفكر بما هو أفضل. أحياناً هناك نزاعات ما بين الوزراء، وتبادل للأدوار. لو دخل أحدكم السياسة سوف يتبين له أن ألأمور ليست على ما كان يظن وهو خارج إطار السياسة. لن تبيعوا الصحف لو أنكم وصفتم على الدوام ما يحدث حقاً بكل أطياف الصورة المملة أحياناً، بما فيها من أخطاء وعثرات ومشاعر وعواطف. لكن عادة ما تكون الأمور في الوسط ولا تشتد نحو أي من الأطراف. هناك أطراف تحاول أن تضع براك في مكان يكون فيه بمثابة ورقة التوت بالنسبة لبيبي أو كمن يمسك ببيبي من أنفه، وهذا هو الجنون الجديد بالنسبة لليمين."
إذن عرف أنت بنفسك
"أنا وزير دفاع في حكومة نتنياهو. مواقفي معروفة. أنا اضغط بكل تأثيري وثقلي الذي يعتمد على خبرتي وعلى قدرتي في التحدث مع قادة العالم والمنطقة، ومن ناحية أخرى القيود بسبب حجم الكتلة التي تقف من خلفي. لنقل إن تأثيري بالتهديد بالتوجه إلى انتخابات محدودة. لذلك من يصف براك على أنه ورقة التوت بالنسبة لبيبي أو أنه يقود بيبي من أنفه، لا يعرف أين يعيش."
هناك شعور بأن رئيس الحكومة يفضل التوجه العكسي: أن يبقى على قيد الحياة بدلاً من اتخاذ قرارات حاسمة
"لا أظن ذلك. أظن أنه يدرك ويفهم الأمور، وكلي أمل بأنه سوف يتخذ قرارات حاسمة. يتم اتخاذ القرارات الحاسمة عندما تتوحد الظروف وتتطلب اتخاذ القرار. أنا أضع ثقلي بقدر ما أوتيت من قوة."
حسب ما تصفه، لا يوجد تقدم، لأن رئيس الحكومة لا يقوم بما قمت به أنت ورابين من قبلك
"لا تضعوا الكلمات في فمي. إنه يعمل ويجتهد وأنا لا أنتقد أي قائد سياسي معين لا يتخذ لنفسه هواية بأن يقفز إلى برك فارغة. هذا حس طبيعي للقيادة السياسية، أن تبحث دوماً عن جسر ثابت لتمر منه دون القفز إلى البركة الفارغة. لهذا يجب اتخاذ قرارات والمثول أمام الناخب وأن تقول له: "صحيح بأن هذا لا يبدو على هذا النحو الآن لكن المصلحة الحقيقية لدولة إسرائيل هي هنا والأمور التي من الصواب القيام بها هي على هذا النحو. وحتى لو قال ليبرمان أو شخص آخر بأن هذا ليس صواباً، هيا بنا لنمضي."
بعد أربعة أشهر سوف تبلغ من العمر 70 عاماً. من المعقول أنك لن تتربع ثانية على منصب رئاسة الحكومة. ألا تشعر بأنك فوت شيئاً ما بسبب الطريقة التي سارت بها حياتك السياسية؟
"لو أنني أشعر بإحباط لكان هذا غريباً بالفعل. لا أنجح بالإشارة إلى شيء واحد ظننت أنه يمكنني أن أساهم فيه ولم أصل إليه. الحقيقة، أنا أشعر برضا كبير عن نفسي، بسبب الفرصة التي سنحت لي وأيضا للطريقة التي سارت بها حياتي.
عندما كنت في سن 20 سنة، كنت ضابطاً شاباً في وحدة أصبحت مع الأيام نخبة وحدات قيادة الأركان. وفي عمر 30 سنة كنت قائد هذه الوحدة. وفي عمر 40 سنة كنت جنرالاً، وفي عمر 50 سنة كنت قائد أركان، وفي عمر 60 أنهيت منصبي كرئيس حكومة. وعلى الطريق شغلت أيضاً منصب وزير خارجية ووزير داخلية، وشغلت لفترات قصيرة مناصب في جميع الوزارات الأخرى تقريباً.
اليوم أنا وزير دفاع، وهذه السنة الخامسة على التوالي، وفي منتصف الطريق قضيت ست سنوات بالزي المدني وتمتعت بحياة أكثر راحة وتحرراً، وأن أقوم بواجبات بيتي وأن أرتب ظهر اقتصادي اعتمد عليه في المستقبل. سيكون غريباً بأنه بدلاً من أن أقول شكراً على الفرصة، أن أحمل مشاعر الإحباط والضحية. أنا أعترف بأنني لم أنجح أبداً بأن أحول الإهانات والإحباط لأداة عمل. يبدو أن هناك أمراً ما معطوب لدي، وعلى الرغم من ذلك، فأنا أتدبر أموري بطريقة لا بأس بها."
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
"ما حدث في مصر هو بمثابة تحذير"
بمناسبة رأس السنة العبرية، قام وزير الدفاع من خلال مقابلة شاملة بتفكيك وإعادة تركيب أجزاء الصورة في الشرق الأوسط، يشرح من خلالها ماذا كان سيحدث لو ترك الحكومة لكل من ليبرمان ويعلون...
في صباح يوم الجمعة، وقبيل الخطابات التاريخية التي أدلى بها كل من أبو مازن ونتنياهو في الأمم المتحدة، عاد ايهود براك من نيويورك. حيث كان وزير الدفاع جزءاً من البعثة الإسرائيلية التي سافرت إلى الأمم المتحدة لسد الطريق على الخطوة الفلسطينية من أجل الحصول على الاعتراف بها كدولة، وقد ترك الحلبة الدبلوماسية للمتخصصين في المجال- رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. لكن هذا لا يعني أنه كان عاطلاً عن العمل.
يتحدث براك قائلاً: "على الدوام، عندما أصل إلى الأمم المتحدة أتحدث إلى أشخاص من أماكن لا تربطنا بهم علاقات رسمية. في هذه المرة التقيت بالرئيس العراقي جلال طالباني، وسألني كيف الحال؟ فقلت له: "نصلي لأن تكون أموركم على ما يرام، ونصلي لتكون أمورنا على ما يرام." وعندها قلت له أنه في كل مرة أُسأل فيها كيف أتحدث بمثل هذه الثقة عن الوضع في العراق، أجيب على ذلك وأقول إنه باستثناء صدام حسين، أنا كنت رئيس الحكومة الوحيد في العالم الذي كان لديه سبع وزراء عراقيين في آن واحد في الحكومة."
تربط الوزير براك العديد من العلاقات مع قادة من شتى أنحاء العالم، الذين يرون فيه ممثلاً للتيار اليساري وصاحب الصوت المتعقل في حكومة نتنياهو ذات الخط اليميني. وبالفعل، من بين وزراء الحكومة يبرز براك على الدوام بدعمه لإحياء المفاوضات السياسية ويكرر موقفه بأن إقامة دولة فلسطينية في حدود متفق عليها هي مصلحة إسرائيلية في الدرجة الأولى.
ما رأيك في خطاب نتنياهو؟
"شاهدت الخطاب من على محطة سي.ان.ان. لقد كان هذا بمثابة توجه مثير للانطباع ليس فقط للحاضرين في القاعة، وإنما أيضاً للملايين في العالم، الذين حصلوا على شرح واف عن الجذور التاريخية لمواقفنا وعن العلاقة بين المسؤولية من ناحية أمنية لمستقبلنا وبين صنع السلام. بينما كان خطاب أبو مازن ثقيلاً على الآذان، وكله مرارة، وفيه الكثير من السرد غير الدقيق للتاريخ. ولكن هذه هي القصة الفلسطينية. التحدي بالنسبة للسياسة الخارجية الإسرائيلية يكمن في الحقيقة أن هذه الأمور تستوعب في العالم لأنه في نهاية المطاف نحن نسيطر عليهم منذ 44 سنة، والعالم ليس مستعداً بقبول استمرار هذه السيطرة."
كيف تلخص نهاية الأسبوع الماضي؟
فوز إسرائيلي بالنقاط. كذلك في خطاب أوباما وفي المقارنة بين خطابي نتنياهو وأبو مازن. لكن هذا لا يعني أي شيء على المدى البعيد. العالم ما زال مستمراً بالتحرك تدريجياً نحو دعم الموقف الفلسطيني، وعدد أكبر من الجهات تضع علامات استفهام بالنسبة لشرعية الموقف الإسرائيلي. التحدي بالنسبة لنا هو بذل أقصى الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق وتسوية، وفي حال تبين أن أبو مازن ليس شريكاً، من الضروري العمل لإقناع اللجنة الرباعية وأوروبا بأن إسرائيل كانت جدية وأن الطرف الآخر هو المسئول عما آلت إليه الأمور. هذا هو السبيل لمنع التدهور نحو حافة فقدان الدعم العالمي وإحداث الانشقاقات في الوحدة الداخلية فيما بيننا. في حال علقت المفاوضات، عندها علينا أن نتدبر الأزمة من خلال حلول مرحلية والقيام بخطوات أحادية الجانب تكون أقل جيدة. ولكن من دون مفاوضات سياسية سوف تتم مناورتنا بشكل تدريجي حتى نقبع في عزلة دولية."
سوف تحتاج أولاً بأن تقنع رفاقك في الحكومة
"إقامة دولة فلسطينية نتيجة للمفاوضات لا يشكل تهديداً على إسرائيل. هذا ما يحتاجه مستقبلنا كدولة. من يفكر بمصطلحات أخرى فإنه يغض النظر عن الإمكانيات الأخرى. لا يوجد لدى دولة إسرائيل ما تخسره من جراء التوجه إلى المفاوضات من دون شروط مسبقة.
"من طرفنا، علينا أن نتخلى عن جميع الشروط المسبقة كي يكون بالإمكان أن نطلب من الطرف الآخر أن يتخلى عن شروطه المسبقة. لا داعي لأي شيء إضافي. ينبغي التوصل بكل بساطة إلى حوار حقيقي وواقعي. وإن دعت الحاجة، ينبغي علينا أن نضحي بخطوة صغيرة أو تعديل صيغة معينة، بل يجب القيام بذلك. في نهاية المطاف هذه مجرد صيغ لافتتاح الحوار. لن يكون بوسعنا أن نشرح لأنفسنا في المستقبل كيف آلت بنا الأمور بسبب عدد من الكلمات هنا أو هناك، وسوف نصل إلى أوضاع أكثر تعقيداً."
على أرض الواقع، الخط السياسي الذي يقوده كل من ليبرمان وبوغي يعلون في الحكومة يتغلب على الخط السياسي الذي تقوده أنت
"أنا في الحكومة كي أناضل بكل ما أوتيت من قوة لكي لا يتحول هذا الخط إلى أمر واقع في دولة إسرائيل. لو أنني لم أكن في الحكومة، لدي توقعاتي الخاصة بي بالنسبة لوضعنا. لو لم أكن في الحكومة، حسب رأيي، لما كان خطاب بار إيلان ولما كان تجميد الاستيطان. ولست متيقناً كيف كانوا سيتصرفون في جزء من الأوضاع الحساسة التي حدثت قبل شهر مع مصر أو في غزة. نحن لا نقوم بإسداء معروف لأي شخص. وما قمنا به لا يثبت أي نوع من الضعف، بل هو دليل على أننا أقوياء، ولذلك يمكننا القيام بما هو في مصلحة دولة إسرائيل ولا يفترض أن ننجر خلف ما تقودنا إليه الغريزة أو مجرد أحاسيس غير منطقية."
في صيف 2007 عاد براك إلى الحياة السياسية النشطة بعد ست سنوات قضاها كمواطن عادي. لم تكن هذه العودة سهلة. إنها فقط أخطاء وعثرات حرب لبنان الثانية التي شقت له الطريق ليعود إلى حلبة التأثير ويتسلم منصب وزير الدفاع. إن اللقب الذي ألصق به "مستعيد قوة الردع القومية" كان يفترض أن يؤدي به ثانية إلى مكتب رئيس الحكومة، لكن العديد من الأمور لم تكن لتسير حسب ما خطط لها.
في عام 2009 قاد براك حزب العمل إلى هاوية لم يشهدها الحزب في تاريخه، وذلك عندما أحرز 13 مقعداً فقط في الانتخابات للكنيست. استمر براك في منصبه كوزير للدفاع في حكومة نتنياهو تحت ذريعة أن حزب العمل له وظيفة ودور تاريخي في التأثير من الداخل على وجود العملية السلمية. وعندما فشلت المساعي في إحياء المسيرة السلمية وزادت المعارضة من الداخل، انسحب من العمل مع أربعة مؤيدين وأسس حزب الاستقلال.
يستمد براك قوته السياسية من نتنياهو. هذه شراكة شخصية استراتيجية، حيث لا يوجد فيها لحزب الاستقلال دور حقيقي. إن من كان يُفترض أن يضم تحت جناحه معسكر السلام ويرى بنفسه مكملاً لطريق بن غوريون، يتعلق اليوم بقائد اليمين، وموقفه الجماهيري والسياسي آخذ بالضعف. لكن ما يبدو في نظر المراقب فشلاً شخصياً، يبدو في نظر براك فرصاً وآفاقاً جديدة.
براك الذي يقترب من عقده السابع من العمر يبدو هادئاً مطمئناً بما كان قد أنجزه طيلة حياته. ولقد تشتتت كافة المحاولات لاستخلاص القليل من الإحباط منه فيما يخص مواقفه وجدول حياته اليومي اللذين لا صدى لهما في حكومة اليمين التي هو شريك فيها بمقولات مثل: "ليست كل الأمور أبيض وأسود"، أو "الأمور التي تراها أنت من هناك تبدو مختلفة من هنا." يعترف براك بأنه لم ينجح في إقناع أصدقائه في الحكومة بجزء كبير من مواقفه، لكنه مقتنع كل الاقتناع بأنه لو لم يكن في الحكومة، لكان الوضع أسوأ بكثير.
على الرغم من أن الكثيرين يرون فيه الصوت المتعقل في حكومة نتنياهو، يبدو أن تأثيره محدود. لقد توقع بدقة "التسونامي السياسي" وحاول من دون نجاح أن يقود إلى إحياء المسيرة السلمية. لقد اعتقد بأنه يجب تقبل صيغة الاعتذار أمام تركيا، وهو يعتقد أن نتنياهو وشتاينتس يخطئان في طريقة تعاملهما مع الاحتجاجات الاجتماعية. لقد حاول أيضاً، ولم ينجح حالياً، بأن ينهي صفقة شاليط وكان يظن أنه يجب تمديد فترة تجميد البناء في المستوطنات. وعلى الرغم من كل هذا فهو مستمر بالجلوس حول طاولة الحكومة.
خلال اللقاء ينادي براك مرة تلو الأخرى بأنه يجب أن لا نستسلم لكافة التنبؤات المتشائمة بالنسبة لما هو متوقع لإسرائيل بسبب الأزمة مع تركيا وربيع الشعوب العربية والعزلة الدولية وتدهور الجبهة المصرية. يمكن تلخيص الرسالة التي يحاول إيصالها بجملة واحدة هي: "الأهم من كل شيء هو أن لا نخاف أبداً."
مصر وربيع الشعوب العربية
لأي درجة يجب أن نقلق بشأن التطورات في المنطقة؟
"إسرائيل هي الدولة الأقوى من الناحيتين العسكرية والاستراتيجية ما بين طرابلس وطهران. وعلى الرغم من القلاقل التي تعصف بالمنطقة فنحن في وضع جيد. لذلك يمكن أن نتوجه إلى هذا التحدي متسلحين بالثقة بالنفس. يجب أن نتوخى الحذر مما يحدث أحياناً عندما نتعرض لوضع يغمرنا بفائض من الأحداث، ووتيرة من الأزمات كما يحدث ما بيننا وبين مصر من جهة وبيننا وبين تركيا من جهة أخرى. في مثل هذا الوضع توجد حكومات وأشخاص وشعوب تستسلم للشعور بأنه لا يمكننا القيام بأي شيء، وتدمر كل شيء، وأنا أقول، هذا ليس الوضع الذي نحن فيه. لا ينبغي أن ندخل في حالة من الشلل.
كذلك الامر بالنسبة للطرف الثاني، لا ينبغي أن ندخل لفرط في الحركة ولردود نابعة من العواطف دون كثير من التفكير. نغمة "أكلوا طعامي" و "أهانوني" و "من هو ليقول هذه الأقوال". الاحترام والعزة القومية هما شيآن مهمان جداً، وفي كل دولة من اللائق ألا تطغى هذه المشاعر على الأمور المهمة. السياسة لا تتم من خلال التشبيهات والعواطف والتضحية العمياء. القيادة ينبغي أن تتم من خلال برودة أعصاب ونظرة واقعية وذات صلة وثيقة بالمصالح والأهداف القومية. المطلوب في هذه الأوضاع ليس الشلل ولا الحماس الزائد، وإنما المطلوب هو العمل بترو وحكمة وفاعلية في نفس الوقت.
"ذات مرة قال تشرتشل إن الفرق ما بين المتفائل والمتشائم هو أن المتشائم يرى الصعوبة في كل فرصة والمتفائل يرى الفرصة في كل صعوبة. أنا متفائل بطبعي. أرى الفرص من أجل العمل في كافة النشاطات، وليس اليأس والتنبؤات التي تحقق نفسها، ولا نظرة التخوف المتشائمة إلى الواقع. هناك ما يمكن القيام به في المجال السياسي. لا يمكننا أن نغير الاتجاه الذي قررت تركيا التوجه فيه ولا يمكننا أن نغير الأحداث في مصر وحقيقة أنه لم يعد هناك نفس مستوى السيطرة الذي كان في زمن مبارك. لكن يمكننا العمل للحد من الأضرار التي قد تلحق بالمصالح الإسرائيلية."
هل اتفاقية السلام مع مصر آخذة بالانهيار؟
"ما حدث في السفارة في القاهرة كان بمثابة تحذير، وكاد الأمر أن ينتهي بكارثة من شأنها أن تشكل خطراً على اتفاقية السلام وتثير المشاعر في الشوارع في أماكن أخرى، ناهيك عن فقدان الحياة. لقد تم إيجاد حل لهذه الأزمة في آخر لحظة نتيجة للعمل الصائب والتوجيه الصحيح من قبل رئيس الحكومة مع جهات أخرى معينة في جهاز الموساد وجيش الدفاع وعلى الأخص في جهاز الشاباك، فضلاً عن التدخل الأمريكي الذي يجب أن نفكر فيه ونستغله في فرصة أخرى. الأمريكان الذين يساعدوننا على الدوام وفي مرة من المرات يطلبون منا شيئاً مهما بالنسبة لهم يجب أن نحاسب أنفسنا في هذا السياق."
مثلاً؟
"مثلاً، محاولة تسوية النزاع مع تركيا لأن هذا مهم من الناحية الاستراتيجية بالنسبة لهم وليس من دون سبب. على كل حال، الطلب الأمريكي ساعدنا ونجحنا في حل الأمر وعاد يونتان (اسم رجل امن عمل في السفارة) والشباب الخمسة إلى البلاد. الآن يجب إعادة السفارة إلى الوضع المعتاد بشكل آمن. من الواضح أن النتيجة المتراكمة ليست سهلة. نحن على تواصل مستمر ومتواصل في أجهزة الأمن مع مصر، وحتى في هذه الأيام التي تلت زيارة أردوغان- واتفقنا على تغيرات مؤقتة ومحددة في سيناء لنسمح لهم بمواجهة البدو هناك.
مع هذا، أنا أقول لكم إن الأزمة لم تجد طريقها إلى الحل. سيناء هي مكان مهم لكل قيادة مصرية، ولكن لا أعتقد أن القيادة تسيطر حق السيطرة هناك وبشكل كامل. توجد هناك لعبة قوى بين المجلس العسكري الأعلى وبين عامة الشعب في ميدان التحرير، الذي يبعد كل البعد عن الاستقرار."
حالياً، من الواضح أن الحكم القادم في مصر سوف يكون أقل وداً تجاه إسرائيل. لقد تحولت سيناء لتصبح منقطة مشاع للإرهاب. ماذا تفعل إسرائيل من ناحية أمنية وسياسية إزاء تطور مثل هذه الجبهة؟
"هل ما يحدث هناك يعتبر أمرا جيداً؟ هذا ليس بالجيد. لكنني أرغب أن أصف الصورة الأوسع. من يفكر أنه على المدى الطويل ستصمد الأردن وحيدة مع السفارة الإسرائيلية، ليصغي جيداً لما بين السطور في ما يقوله الملك عبد الله الثاني.
بعد أن بدأ ربيع الشعوب العربية وصلت إلي شخصية مصرية رفيعة المستوى وتحدثنا عن الدراما التي تحدث في مصر. من خلال الحديث قال لي: "إيهود، يجب عليكم أن تتوجهوا الآن بكل ما أوتيتم من قوة لحل الموضوع الفلسطيني." لم أفهم ما علاقة هذا الآن، ما هو شأن المسألة الفلسطينية وكل شيء يحترق من حولنا. قال: "له كل العلاقة. لأول مرة في تاريخنا سوف نواجه الديموقراطية وأنا أضع للحظة حركة الإخوان المسلمين جانباً كونهم لم يكونوا عاملاً ايجابياً في اتفاقية السلام، ولكن هناك مجموعة من الأحزاب المدنية ولا أحد لدينا يعرف كيف يواجه ممارسات الديموقراطية النشطة.
سوف يجلبون مستشاري انتخابات من أمريكا ليجروا استطلاعات الرأي، وما سيبرز من هذه الاستطلاعات هو أن الموضوع الوحيد الذي يمكن أن تتميز الأحزاب عن بعضها البعض هو العداء لإسرائيل وربما للولايات المتحدة أيضاً. إذا كانت ولادة هذه الأحزاب تتعلق بالتشديد على كراهية إسرائيل، فسوف يتحول هذا إلى جزء من الواقع الثابت والراسخ لديها، وهذا ما سيكون عليه الحال بالنسبة للإخوان المسلمين. من ناحية أخرى، إذا أحرزتم تقدماً، سوف تساهمون في تقليل التوتر."
أينما نظرت- سواء إلى تركيا أو إلى مصر أو إلى الأردن- من ناحية احتمال حدوث تسوية مع العالم العربي والعلاقة مع الولايات المتحدة وتقليص محاولات سلبنا الشرعية، يمكنك أن ترى أن المسيرة السلمية مع الفلسطينيين هي موضوع مركزي. لا يمكن أن نقول إنه لا مصلحة لنا في حل القضية حيث أصبح النزاع مع الفلسطينيين بمثابة عامل جذب أو يمكن القول بأنه أصبح بمثابة مغناطيس للقوى العاملة في العالم العربي ضدنا وللحركات التي تحاول سلبنا شرعيتنا كدولة إسرائيل. من يظن بأن الشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به إزاء ذلك هو ضم مناطق وكتل الاستيطان أو الضفة الغربية بأكملها، فإنه يعيش في عالم غير واقعي ولا يفكر ما هو البديل وماذا ينتظرنا فيما بعد."
كيف تحضر جهاز الأمن أمام التوتر في الجبهة الجنوبية؟
"لا أعتقد بأنه يجب النظر إلى مصر على أنها عدو. اتفاقية السلام قوية ومتينة، وأية قيادة تتسلم زمام الأمور في مصر سوف تدرك أن البنية التحتية للاتفاقيات الدولية بالنسبة لمصر مرتبطة ارتباطاً متيناً بمكانها في وعي العالم الحر. في مصر يولد في كل تسعة أشهر مليون إنسان ونحو مليون آخرين يقتحمون سوق العمل ويجب أن يتم خلق فرص عمل لهم. مصر مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باقتصادها.
المصدر الرئيسي هو السياحة التي تجلب لمصر 12 مليار دولار في السنة، لذلك يحتاجون للهدوء هناك. يحتاجون للهدوء في قناة السويس أيضاً التي تعتبر المصدر الاقتصادي الثاني، حيث تدر عليهم 6 مليارات دولار سنوياً. كذلك، المساعدات الأمريكية بقيمة 2 مليار دولار، هذا المال سيكون في خطر. لذلك، فإن أهمية ومركزية اتفاقية السلام في أي وضع كان سوف تستمر بكونها مصلحة عليا.
"لا أعتقد بأننا أمام حاجة ملحة للاستعداد عسكرياً. من ناحية أخرى، قلنا مراراً وتكراراً بأنه لا حاجة لمعلومات استخبارية سرية كإنذار استراتيجي بالنسبة للتغير في الشرق الأوسط. نحن نرى العناوين في الصحف. من الواضح أنه يجب الاستعداد لإمكانية حدوث عمليات إرهابية محتملة من سيناء. هم يستعدون ونحن يجب أن نستعد أيضاً ولا يمكننا الاعتماد بشكل كامل على أنهم لن ينجحوا."
هل يجب أن نستعد أم أننا نستعد؟
"نحن نستعد، نستعد. على سبيل المثال إقامة الجدار الذي رفعنا من وتيرة العمل فيه- جدار ضد المتسللين سواء في مواجهة الذين كانوا يبحثون عن عمل أو أولئك الذين يبحثون عن الإرهاب وهناك المزيد من الاستعدادات في مجال مكافحة الإرهاب. لا أظن أن من الصواب التحدث عن هذا علانية. إذا كنا نبدأ بالتعامل مع مصر على أنها دولة خصم فإن هذه نبوءة تحقق نفسها."
تحدثت عن تسلسل الأمور في القاهرة التي تؤدي إلى تحطيم اتفاقية السلام. كيف تقوم أجهزة الأمن بتحويل الموارد إلى هناك؟
"نحن لا نوجه موارد إلى هناك. بسبب مصر وبسبب مبنى الشرق الأوسط، إسرائيل بحاجة لقوى مرنة يمكن نقلها بسرعة من ناحية لأخرى. منذ حرب الاستقلال كان يشكل هذا الأمر على الدوام أفضلية بالنسبة لنا ومرونة حركة قواتنا. لا يوجد لدي أكثر من هذا لأدلي به بالنسبة لمصر. ما نسمعه اليوم من مصر هو التزام باتفاقية السلام والاتفاقيات الدولية. صحيح بأن وظيفتنا هي أن نفكر بالمزيد من الأمور، لكن التركيز الآن هو على محاربة الإرهاب لأن الإرهاب موجود حالياً."
ما هو الاحتمال أن تتوصلوا إلى استنتاج وفق المصلحة الإسرائيلية يتطلب قيام مصر بإدخال قوات إلى سيناء على نحو ثابت وبقدر أكبر مما تسمح به اتفاقية السلام؟
"أعتقد أن لنا مصلحة بأن نسمح بذلك في حال إمكانية إبداء نوع من المرونة من خلال اتفاقية السلام لفترات زمنية معينة. نحن الآن نصادق على ذلك شهراً بشهر ولا يوجد لديهم أي استئناف أو اعتراض على ذلك."
وهل توجد نتائج؟
"لا يمكن أن تقارن أبداً بين ما كان ليحدث لولا ذلك. لقد سمحنا بإدخال ستة كتائب بشكل متفق عليه. كل مرة يدخلون لمدة شهر ويفحصون فيما إذا هناك حاجة. على سبيل المثال، أنبوب الغاز. هم يقولون: "هل تريدون أن نحرس أنبوب الغاز؟ نحن بحاجة لجنود لهذا الأمر." من كان يحرس أنبوب الغاز أو الماء أو الكهرباء في الماضي يعلم أن هذا الأمر صعب للغاية. على المتسلل أن يصل مرة واحدة عندما لا تكون القوات في الجوار وبحوزته عبوة ناسفة ليضعها على الأنبوب. نحن نريد أن يسيطروا كما يجب في العريش، وفي الشيخ زوعيدة وفي شرم الشيخ. المنطقة أكبر من دولة إسرائيل بثلاث مرات. ونحن نعرف كم فرقة يوجد في دولة إسرائيل فقط من أجل الحفاظ على الأمن الداخلي."
هذا يعني بأنك لا تستبعد إمكانية تواجد مصري ثابت في سيناء
"لماذا تواجد ثابت؟ لماذا علينا أن نقترح أو نفكر بأمر ثابت عندما تتيح الاتفاقيات لهم بأن يدخلوا القوات بشكل مؤقت وتسمح بتمديد الفترة الزمنية في حال تغيرت الظروف وأن يخرجوا هذه القوات في حال تغيرت الظروف في الاتجاه المعاكس. لا يمكننا أن نمسك العصا من كلا طرفيها. من ناحية نقول لهم، كيف لا...
تنجحون؟
القوى المنتشرة على طول الحدود هي ليست القوى الأكثر جودة لدى الجيش المصري. يوجد هناك نقطة التقاء ما بين المصالح."
ما هي الأدوات الموجودة اليوم، حتى يتم إكمال الجدار، لمواجهة هذا الأمر؟
"الأدوات هي الإنذار والمخابرات ونشر القوات وتوخي الحذر من قبل المواطنين والاستعداد لقيود معينة يمكن أن تأتي من الإنذارات الساخنة وكذلك ألا نخاف مطلقاً. لقد واجهنا أموراً كهذه وأكثر صعوبة من الإرهاب في سيناء. هذه ليست جبهة سهلة، لكنها لا تشكل تهديداً على وجودنا وعلى حياتنا الاعتيادية. هذا يهدد الأمن على طول الحدود وأحيانا على ايلات ويجب الاهتمام بمنع حدوث لك."
هل يوجد تعزيز للقوى في المنطقة. يوجد الآن "خط مصر"، وهذا لم يكن منذ فترة وجيزة
"صحيح، نحن نعزز القوات ونعزز الوسائل ونوضح الخطوات ونحاول أن نزيد من الإصغاء في المخابرات، نطلب من المصريين أن يعملوا بأنفسهم. وهم يتحركون، بغض النظر عن أن تحركهم أقل مما يمكن أن نتمناه وأفضل مما نخشى من أن يحدث. لا أظن بأن هذا من التهديدات الجدية بالنسبة لإسرائيل. حماس وحزب الله - وبالتأكيد إيران - هي تهديدات أكبر ثقلاً من الإرهاب في سيناء. ومع ذلك، لا ينبغي أن نقلل من أهمية هذا التهديد."
الأزمة مع تركيا
هل توافق على المقولة بأن أردوغان قد دخل في الفراغ الذي تركه مبارك من خلفه كقائد للعالم الإسلامي، وكجزء من الدور الذي أخذه على عاتقه وهو يقوم بهذه الخطوة ضد إسرائيل؟
"لا أقترح بأن نضع أنفسنا في المركز. نحن لسنا السبب ولسنا الهدف الرئيسي. تركيا تمر بعمليات عميقة منذ سنوات طويلة. هذا لم يبدأ البارحة ولا في مرمرة. الحدث المصمم لما يحدث، هو ما حدث مع الاتحاد الأوروبي. فقد قام الأتراك طوال سنوات عديدة بإلغاء قوانين وتغيير الدستور واستبعاد الجيش عن مواقع التأثير.
بعد كل ما فعلوه من خطوات كانت جزءاً من متطلبات الحصول على عضوية في الاتحاد الأوروبي، وخطوات أضعفت المؤسسات العلمانية في تركيا، لم يتم قبلوهم وكانت خيبة الأمل كبيرة وأدت إلى زيادة قوة الحركة الإسلامية في الدولة. تركيا دولة ديمقراطية في نهاية المطاف، لكن كل هذه الخطوات أضعفت الجيش وسمحت بحدوث هذا التوجه نحو الشرق، ودور القوة الإقليمية التي يبحثون عنها لأنفسهم."
ومع ذلك، إسرائيل هي الخاسرة من هذه المسيرة
"هم الذين بدئوا سلسلة المشاحنات معنا وما زلت أقول إنه لا مصلحة لنا للعبث مع تركيا. ليس مكتوب في السماء بأنها يجب أن تكون عدونا. لا شأن لنا بأن نوحد كافة خصومنا. تركيا هي واحدة من أهم أربع دول في الشرق الأوسط سوية مع مصر والسعودية وإيران. بينما تنكمش السعودية على نفسها ومصر تمر بما تمر به وإيران عدوانية، لا مصلحة لنا بأن نزيد من حدة الأزمة مع تركيا. هذا ما يمليه المنطق والعقل السليم.
إليك بمثال: قبل أربع سنوات وُجد صهريجان من الوقود خارجان في مكان ما في حقل في تركيا. وقد كتبت عليها أحرف عبرية. ادعى الأتراك حينها بأن طائرتنا طارت فوق مناطق تابعة لهم وطلبوا اعتذاراً. وبعد تشاور هاتفي لمدة 20 ثانية بيني وبين أولمرت، اعتذرنا. ماذا حدث؟ هل خدشت كرامتنا الوطنية؟"
اقترفنا خطأً عندما لم نعتذر بشأن مرمرة؟
"لا أقوم بتوزيع العلامات علينا. لا أضع باللوم في هذه المسألة علينا."
انت تظن أنه يجب أن نتقدم باعتذار. لماذا لم تنجح في إقناع رئيس الحكومة؟
"لأن الحياة معقدة أكثر مما يبدو في ظاهر الأمر. أحياناً حتى القوى الصادقة لا تنجح بالإقناع."
ومع هذا؟
"يوسف تشحنوفر الذي خاض في هذا قام بعمل جيد جداً. أنا أعارض هذا التقسيم لفئة تحب أن تعتذر وأخرى لا تحب أن تعتذر. أنا أفهم بالأمن والكرامة القومية والقوة بقدر لا يقل عن بوغي وليبرمان. أنا أعتقد فقط أن الصورة التي تتكشف هي ليست الصورة الصحيحة. لم يُطلب من إسرائيل أن تعتذر عن حقيقة فرض الحصار والطوق على غزة، ولم يُطلب منها الاعتذار عن منع التهريب أو توقف السفن ولا على استخدام القوة. كتب في تقرير بالمر بأن كل هذه الأمور قانونية وتمت حسب القوانين، حتى لو كانت هنا أو هناك ملاحظة معينة.
لقد طُلب من إسرائيل أن تعتذر عن أخطاء تنفيذية - في حال كانت هناك مثل هذه الأخطاء - التي لها علاقة بفقدان أرواح. ربما عندما تقوم لجنة تيركل بنشر تقريرها كاملاً سوف يتبين أنه كانت هناك أخطاء تنفيذية. بعد بضع ساعات من الحدث قلت بشكل واضح إننا نأسف جداً على فقدان الأرواح. سوف نستمر بإيقاف السفن وسوف نستمر باستعمال القوة في حال رفضوا التوقف لكننا نعرب عن أسفنا فيما يتعلق بفقدان أرواح القتلى. ماذا حدث؟ لم يحدث أي شيء."
في الواقع أنت تقول إنه كان علينا أن نقبل بصيغة تشحنوفر
"في حينها اعتقدت أن الصيغة التي جلبها تشحنوفر لم تكن جيدة بما يكفي، ولكن بالنظر إلى الحدث المؤسف الذي وقع وسقوط قتلى، ما كان علينا أن نختار بين الاعتذار أو عدم الاعتذار. كان من الأفضل أن نتوصل إلى تسوية للأزمة مع الأتراك، وجزء من هذه التسوية هو اعتذار وجزء منها الاتفاق على إنشاء صندوق طوعي للتعويضات، وجزء آخر هو التزام حكومة تركيا بألا تقدم على مقاضاة محاربي الفرقة البحرية الخاصة، وألا يتجهوا إلى المحكمة الدولية، وحتى لو تقدم أحدهم برفع دعوى، فلن تنضم الحكومة التركية ولا العائلات لهذه الدعاوى.
لم ندخل لوصف مفصل لكافة الإمكانيات، لكن قلنا عندما ترغب تركيا التي تشعر بالإهانة بأنها تستنفذ هذا الأمر فلديها طرق أخرى للقيام بذلك ويجب أن نسأل أنفسنا إن كان هذا من الصواب بالنسبة لنا أم لا. من يعتبر بأن هذا الأمر منوط بمكانتنا في الشرق الأوسط، فهو لا يفهم كيف تسير الأمور في الشرق الأوسط."
وهل كان رئيس الحكومة يميل لتقبل ذلك؟
"أظن أن رئيس الحكومة فهم ذلك. في مرحلة معينة دارت الأمور باتجاه آخر."
تعال لنتحدث عن قضية المسؤولية الشخصية: كان نتنياهو في كندا، أنت قدت عملية السيطرة على مرمرة. بعد ذلك، خلال المسيرة التي وصفتها، لم يقبل موقفك بالنسبة للاعتذار. قد تدفع ثمن شخصي في حال توجهت تركيا إلى المحاكم وربما لن يكون بوسعك التجول في العالم. ألا تقول لنفسك، "لقد فشلت"؟
"أنا لا أقول لنفسي بأن شخصاً ما سوف يقاضيني. من الواضح أنني أتحمل المسؤولية الشاملة لكل ما يحدث في جهاز الأمن. أظن أنه قد حدث عدد من الأخطاء التنفيذية وأفترض أن تقرير المراقب سوف يتطرق إلى ذلك، وكذلك في تقرير تيركل الكامل عندما يتم نشره.
أنا أعمل في مجال لا يمكن أن تكون فيه النتائج كاملة مئة بالمئة دوماً، لكنني أشعر بالثقة بالنسبة لكل قراراتي والأمور التي قمت بها من قبل، من بعد وخلال الحدث. صحيح أن النتائج ليست كما أردنا، ولذلك لم أتوانى حتى في ذلك اليوم بأن أقول إننا نعرب عن الأسف. جيد أننا قمنا بفرض الحصار، ولنا كل الحق بأن نوقف السفن وسوف نسمح دوماً لجنودنا بأن يستعملوا القوة عندما يكون هناك تهديد على حياتهم ولقد استعملوها عندما كانت حياتهم في خطر.
ومع هذا نحن نأسف للحقيقة أن بعض الأشخاص فقدوا حياتهم هناك على الرغم من أنهم كانوا نشطاء يمارسون العنف وتابعين لمنظمة استعملت العنف عن قصد. هذا كل ما في الأمر."
إلى أي حد يمكن أن تتدهور الأمور مع تركيا؟
"كوزير دفاع لا أقترح على أي شخص بأن يصاب بالذعر من أي شيء، ومع ذلك يتعين علينا ألا نقلل من أهمية أي شيء. لكن، أنا أعتقد أن زيادة التفصيل في هذه الأمور بلا جدوى. نحن دولة قوية ومستقرة، لا مصلحة لنا أبداً في تصعيد أي نزاع مع تركيا. لا ينبغي أن نصاب بالذعر ولا ينبغي أن نتسرع. أنا ضد النقاش حول إمكانيات مستقبلية يمكن أن تتحول في واقع وسائل أعلامنا الشفافة إلى نبوءة تحقق نفسها وتثير الطرف الآخر.
كما توجهنا إلى الأمريكان وقلنا لهم إنهم سوف يحسنون صنعاً إذا وجدوا طريقة للتوجه إلى أردوغان وأن يطلبوا منه أن يخفف من وتيرة التصريحات الجديدة صباحاً ومساء، عندها في مرحلة معينة - عندما نجحوا بإيقافه لبضعة أسابيع، أتوا إلينا وقالوا، "عفواً" هل بوسعكم أنتم أيضاً أن تسيطروا على عدد من الوزراء في حكومتكم الذين لا يمضي يوم دون أن يوزعوا العلامات أو يصفون سيناريوهات لما قد يحدث مع تركيا في حال استمرت في مواجهة إسرائيل؟" مع هذا أنا لا أفهم هذا القلق وكأننا إن لم نقل شيئاً معيناً فإن مكانتنا سوف تتبخر لا سمح الله."
في جهاز الأمن يتعاملون بكل جدية مع التهديدات التي تسمع في الأسابيع الأخيرة من تركيا حول تعريف سفن البحرية وطائرات سلاح الجو على أنها عدو؟
"لقد طرحت إمكانية مرافقة تركيا للسفن قبل مرمرة وأعربنا عن رأينا بأن هذا ليس بالأمر الحكيم والصحيح، لكنني لا أظن بأنه يجب الإسهاب ولا أظن أن هذا سوف يحدث بالغد. يجب أن نستعد لعدد من السيناريوهات في جيش الدفاع الإسرائيلي، وليس من خلال صفحات الجرائد، ولا شك بأننا نتحضر."
على خلفية تصريحات الملك وإخلاء السفارة، أين مكان الأردن في مسيرة "ربطة العنق الخانقة هذه"؟
"لا أظن أن هذه ربطة عنق خانقة. المملكة الأردنية تمر أيضاً بفترة توتر ونحن أيضاً يجب أن نحافظ بالأخص على الانضباط والعمل بكل هدوء. آمل بأن لا يخرجوا لدينا بتصريحات لا مكان لها. تحاول الأردن أن تقود المسيرة بحذر، وتحاول أن تمنع ربيع الشعوب العربية من أن ينضج في داخلها. الأردنيون في مكان أفضل بقليل. هناك وجود معين لجهات إسلامية في البرلمان، وهناك مخرج معين للكبت المتولد عن التوتر ما بين الملكية المندمجة مع الغرب والتي على صداقة مع إسرائيل وما بين الجهات الإسلامية. بشكل طبيعي فإن لهذا الأمر أبعاد دراماتيكية.
ما سيحدث في العراق وسوريا ومصر مهم جداً. كيف سنتصرف أمام الفلسطينيين- كل هذه الأمور تؤثر عليهم. أتحدث بين الحين والآخر معهم وهم أيضاً يطرحون توقعهم بأن يرونا نتقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين. أنا أقول لكم، هذا الموضوع مهم جداً."
كيف تعمل إيران وأعوانها - حماس وحزب الله - مقابل ربيع الشعوب العربية؟ ما هي الخطوات التي سوف تقدم إيران على القيام بها ضدنا وبشكل عام؟
"تستمر إيران بكونها تهديداً مركزياً على النظام العالمي والإقليمي، ولم يتغير أي شيء. إنهم عامل سلبي جداً، سواء كان ذلك من ناحية سعيهم الدؤوب للحصول على سلاح نووي أو وفي سعيهم بالحصول على اكبر فائدة ممكنة من ربيع الشعوب العربية من أجل الدفع قدماً نحو السيطرة الإيرانية على منطقة الخليج على وجه التحديد وعلى العالم العربي بأكمله. إنهم يقدمون الدعم للإرهاب في كافة أنحاء الشرق الأوسط - وفي أفغانستان وباكستان والصومال واليمن ودول أفريقيا.
في المرحلة الأولى فرحوا كثيراً بما قد جرى. حيث شاهدوا أكبر منافسيهم وخصومهم، وعلى رأسهم مبارك، يسقط، والآخرين ينكمشون وتلسعهم ألسنة اللهب، بينما عندهم الحكم عنيف بدرجة كافية ليطفئ ألسنة اللهب وهي صغيرة. ومنذ أن تبين أن عائلة الأسد، حليفتهم، توشك أن تفقد الحكم في سوريا، قل شعورهم بالأمن.
إن حدث هذا، فسوف تكون ضربة غير سهلة بالنسبة لهذا المحور المتطرف وسوف يضعف هذا بشكل غير مباشر حزب الله وربما حماس أيضاً. لذا فقد قل رضاهم عما كان عليه الحال من قبل. في اللحظة التي يصبح فيها الوضع في الخارج أسهل، فسوف تكون مشاحنات أكثر في الداخل، لكنني لا أريد الخوض في هذا."
ما هي احتمالات تشكيل محور إيراني-تركي-مصري؟
"لا أعتقد بأنه سوف يكون مثل هذا المحور. في تركيا لا ينظرون إلى مسألة إيران بمنظار أبيض أو أسود كما هو الأمر لدينا أو كجزء من الجهات السياسية في العالم الحر. في نهاية المطاف، إيران وتركيا هما خصمان بشكل طبيعي وليستا شريكتان بشكل طبيعي.
قبل نحو سنة كنت في آسيا السوفيتية سابقاً. يوجد هناك نزاع قوي جداً بين التأثير الإيراني وبين التأثير التركي، ونزاع له خلفية عرقية وتاريخية. كذلك في مسألة سوريا هم يعتقدون العكس. الإيرانيون يساعدون ويساندون الأسد بكل وسيلة، بينما تركيا قررت التحفظ على ذلك. بالنسبة لنا من المهم أن يبقى كل منهم على حدة وأن تكون لنا علاقات جيدة على الأقل مع الجبهتين الأكثر اعتدالاً - تركيا ومصر.
يفضل أن لا يتكون أي محور ضدنا، لكن لا يمكنني أن أقلل من أهمية هذا الاحتمال ولا تتعلق كافة الأمور بتأثيرنا في المنطقة. توجهي هو أن لا نصاب بالذعر من أي شيء، وألا نقلل من أهمية أي شيء، وأن نعمل بحسب المصالح الحقيقية بالنسبة لنا- لكن ليس من خلال الشلل ولا بنزعات عاطفية دون استعمال المنطق والعقل."
رئيس الموساد السابق، مئير دغان، قال مع انتهاء فترته بأنه يخشى بأنه لن يكون هناك من يوقف نتنياهو وبراك من القيام بمغامرة محتملة ضد إيران، ويشاطره في ذلك الرئيس السابق لجهاز الشباك يوفال ديسكين ورئيس الأركان السابق غابي أشكنازي
"هذا التصريح غير لائق لدرجة أنه لا يستحق الرد عليه."
مستقبله السياسي
على الحائط في مكتب وزير الدفاع معلقة صور لبن غوريون ورابين، إلى جانب نتنياهو وبيريس. وفي ذلك بعض السخرية، حيث أنه ومنذ زمن بعيد كان براك يعتبر مكملاً لطريق قادة حزب العمل، محط آمال اليسار المعتدل. واليوم هو خارج الحزب، يقف على رأس قائمة صغيرة - حسب استطلاعات الرأي - وذات احتمال ضئيل بأن تخطى بنسبة الحسم في الانتخابات، بينما رؤساء حزب العمل واثقون بأنهم على موعد مع فجر يوم جديد.
إذن في نهاية المطاف شيلي يحيموفيتش هي وريثتك
"أعتقد أنها تمر بأمر جيد، والآن بقي أن تمر باختبار الانتخابات. هل تريدون مني أن أخرب عليها من خلال الإطراء عليها؟ لا شخص يحسد ابنه أو يغار منه، وكذلك من تلميذه أو وريثه. أنا أتمنى لها كل خير وقد اتصلت بها. أتمنى لها النجاح في طريقها."
هل لديك نصيحة من خبرتك الواسعة تسديها لها؟
"لا. إنها في مجال السياسة منذ ست سنوات وهي تستوعب الأمور بسرعة. أتمنى لحزب العمل كل الخير، هم في طريقهم ونحن في طريقنا. نحن نقود الطريق الأصلية لحزب العمل. الطريق الرسمي المركزي بروح مبادئ وثيقة الاستقلال- المجتمع المثالي الذي رآه بن غوريون - مجتمع متضامن ومتطور. سوف نحاول أن نقنع الناخبين بأننا نحن من نمثل هذا المجتمع على أفضل وجه، وأفضل من حزب العمل ومن حزب كديما."
هل تشتاق؟
"أنا أسأل نفسي سؤالاً واحداً فقط: هل قمت بكل ما يمكنني القيام به في كل نقطة زمنية من أجل الدفع قدماً بالأمور التي تقع تحت مسؤوليتي. منذ اليوم الذي وصلت فيه إلى الحزب حاولت أن أقنع حزب العمل بالتخلي عن الانتخابات التمهيدية. لقد بدا ذلك في نظري مسألة مثيرة للشك. قلت: "هل ترغبون بقائمة جيدة بالفعل؟ أقيموا لجنة تنظيمية. أو ابحثوا عن طريقة تختار فيها اللجنة 30 شخصاً وتقوم اللجنة التنظيمية بإدراجهم."
منذ ولدت، وأنا أوشك بأن أبلغ ال-70 بعد قليل، كان لليكود أربع شخصيات قيادية- بيغين وشامير وشارون ونتنياهو. منذ ولد حفيدي، وهو في التاسعة من عمره الآن، كان هناك ست شخصيات قيادية في العمل والآن الشخصية السابعة. من كل هذه المجموعة أنا من نجح بأن يكون قائداً لأطول فترة. أنظروا إلى ما يحدث وأنا لست هناك وسوف ترون ماذا سوف يحدث بعد هذا الأسبوع.
لنقل إنني لا أعتبر شخصية سياسية محنكة. كان فؤاد بن اليعازر يقول إنه لا يزال هناك ما علي أن أتعلمه وأن أعترف بالذنب. لقد كان من الشخصيات السياسية الفذة المحنكة في إسرائيل. يمكن قول عدة أمور بالنسبة لعمير بيرتس بدوره كوزير دفاع أو باستعمال الناظور، لكن لا شك بأنه شخصية سياسية محنكة وذات خبرة. أنا أحب الأعضاء في الحزب، وهناك عدد منهم أمضوا معي منذ 15 سنة. لقد تجرأنا على النهوض وتركت الحزب أمامهم فلم يجرؤوا على ذلك."
لو استمرت استطلاعات الرأي على ما هي عليه حول عدم إمكانية نيل قائمة الاستقلال نسبة الحسم حزب، هل ستتقدمون للانتخابات على الرغم من ذلك؟
"لا شك، تحدث عدة تغيرات وهناك عدد من استطلاعات الرأي التي تنبأت للقائمة بأن تنال نسبة الحسم. أظن بأن نسبة المصوتين لنا سوف تزداد على خلفية الواقع المعقد للغاية الذي نعيشه في دولة إسرائيل والبحث عن أشخاص ذوي رؤية مركزية وموضوعية وهادفة دون تلاعب أو حيل سياسية."
هناك من يعتقد بأنكم سوف تكونون شعبة في الليكود في الانتخابات القادمة
"هذا مجرد كلام، وجزء من اللعبة. على المحللين السياسيين أن يحللوا كل الوقت ويبحثون ويقلبون في كل شيء. لو أن الناس استثمروا طاقتهم في أن يصحح كل منهم حزبه بدلاً من التوقعات والتحاليل، لكانت الحياة العمومية في إسرائيل أفضل بكثير."
هناك شعور عام بأن انسحابك ساعد حزب العمل كثيراً
"قسم مما حدث في حزب العمل هو أنه مال إلى اليسار أكثر فأكثر، واتجه إلى مواقف حزب ميرتس. لكن حالياً، هناك أمراء التعديلية- أولمرت وليفني وحتى بيبي- قد اقتربوا إلى المركز. هذه مواقف أكثر حكمة وتعقل ويجب فقط العثور على الجرأة والتوقيت الملائم لترجمتها إلى حسم سياسي بلا خوف.
ماذا يوجد لدينا هنا؟ يوجد حذر سياسي. إن كنا نخشى طيلة الوقت بأن المفاوضات سوف تعرض الحكومة والليكود للتآكل من قبل ليبرمان أو بوغي، إذن توجد حالة شلل للمبنى السياسي الداخلي، بسبب الخوف من اللحظة التي سوف نتقدم فيها نحو الأمور التي تصب في مصلحة الدولة، وسوف يقوضون لنا القاعدة الحزبية والحكومية التي نستند إليها.
كان هناك رؤساء حكومة قالوا: "حسناً، أنا أسير في الدرب وليكن ما يكون"، ويدفعون الثمن. رابين سار على عكس ما بدا رغبة للشعب في ذلك الوقت ودفع ثمناً باهظاً جداً. أنا سرت ودفعت ثمناً- طبعاً أنا لا أقارن هذا بالثمن الذي دفعه رابين. هذا هو الاختبار الأعلى بالنسبة للقيادة. ليس فقط كيف تبقى لوقت أطول إنما كيف تعمل من أجل تغير الواقع ومنع أسوء الأمور."
مع القليل من القوة السياسية من خلفك، ما مدى تأثيرك بالفعل؟
"في الحكومة أنا أسمع كصوت متعقل وبارد الأعصاب، وذو تأثير كبير جداً. أنا أنادي من أجل حوار إسرائيلي - حوار جدي أفقي. بعض الأصدقاء الذين ذكرتهم من قبل (داغان وديسكين وأشكنازي) وصفوا الأمر أفضل وصف عندما قالوا إن هذه الأقوال هي بمثابة البحث عن النزاع والشقاق، وفي مقالات المحللين قيل إننا نخاف وإنا في موقف ضعف وتوجد خيام واحتجاج ومن الواضح أن بيبي وأنا سوف نستغل العملية التخريبية التي حدثت وبأننا سوف نسعى للقيام بحرب.
في اللحظة التي يتبين بها بأنك لا تسعى للحرب، تصبح أرنباً أو جباناً، "أنتم متخاذلون"، "كيف تدعون المواطنين يعيشون تحت وطأة الصواريخ", أنا أقول إن الحياة ليست مجرد صفحة معزولة، وإن السياسة الجدية، التي تلائم دولة بوضعنا، هي ليست مسعى لحرب أو جبن. الحياة ليست على هذا النحو."
إذن كيف هي؟
"معظم الوقت نحن نقيم الحوار، ونحاول أن نفكر بما هو أفضل. أحياناً هناك نزاعات ما بين الوزراء، وتبادل للأدوار. لو دخل أحدكم السياسة سوف يتبين له أن ألأمور ليست على ما كان يظن وهو خارج إطار السياسة. لن تبيعوا الصحف لو أنكم وصفتم على الدوام ما يحدث حقاً بكل أطياف الصورة المملة أحياناً، بما فيها من أخطاء وعثرات ومشاعر وعواطف. لكن عادة ما تكون الأمور في الوسط ولا تشتد نحو أي من الأطراف. هناك أطراف تحاول أن تضع براك في مكان يكون فيه بمثابة ورقة التوت بالنسبة لبيبي أو كمن يمسك ببيبي من أنفه، وهذا هو الجنون الجديد بالنسبة لليمين."
إذن عرف أنت بنفسك
"أنا وزير دفاع في حكومة نتنياهو. مواقفي معروفة. أنا اضغط بكل تأثيري وثقلي الذي يعتمد على خبرتي وعلى قدرتي في التحدث مع قادة العالم والمنطقة، ومن ناحية أخرى القيود بسبب حجم الكتلة التي تقف من خلفي. لنقل إن تأثيري بالتهديد بالتوجه إلى انتخابات محدودة. لذلك من يصف براك على أنه ورقة التوت بالنسبة لبيبي أو أنه يقود بيبي من أنفه، لا يعرف أين يعيش."
هناك شعور بأن رئيس الحكومة يفضل التوجه العكسي: أن يبقى على قيد الحياة بدلاً من اتخاذ قرارات حاسمة
"لا أظن ذلك. أظن أنه يدرك ويفهم الأمور، وكلي أمل بأنه سوف يتخذ قرارات حاسمة. يتم اتخاذ القرارات الحاسمة عندما تتوحد الظروف وتتطلب اتخاذ القرار. أنا أضع ثقلي بقدر ما أوتيت من قوة."
حسب ما تصفه، لا يوجد تقدم، لأن رئيس الحكومة لا يقوم بما قمت به أنت ورابين من قبلك
"لا تضعوا الكلمات في فمي. إنه يعمل ويجتهد وأنا لا أنتقد أي قائد سياسي معين لا يتخذ لنفسه هواية بأن يقفز إلى برك فارغة. هذا حس طبيعي للقيادة السياسية، أن تبحث دوماً عن جسر ثابت لتمر منه دون القفز إلى البركة الفارغة. لهذا يجب اتخاذ قرارات والمثول أمام الناخب وأن تقول له: "صحيح بأن هذا لا يبدو على هذا النحو الآن لكن المصلحة الحقيقية لدولة إسرائيل هي هنا والأمور التي من الصواب القيام بها هي على هذا النحو. وحتى لو قال ليبرمان أو شخص آخر بأن هذا ليس صواباً، هيا بنا لنمضي."
بعد أربعة أشهر سوف تبلغ من العمر 70 عاماً. من المعقول أنك لن تتربع ثانية على منصب رئاسة الحكومة. ألا تشعر بأنك فوت شيئاً ما بسبب الطريقة التي سارت بها حياتك السياسية؟
"لو أنني أشعر بإحباط لكان هذا غريباً بالفعل. لا أنجح بالإشارة إلى شيء واحد ظننت أنه يمكنني أن أساهم فيه ولم أصل إليه. الحقيقة، أنا أشعر برضا كبير عن نفسي، بسبب الفرصة التي سنحت لي وأيضا للطريقة التي سارت بها حياتي.
عندما كنت في سن 20 سنة، كنت ضابطاً شاباً في وحدة أصبحت مع الأيام نخبة وحدات قيادة الأركان. وفي عمر 30 سنة كنت قائد هذه الوحدة. وفي عمر 40 سنة كنت جنرالاً، وفي عمر 50 سنة كنت قائد أركان، وفي عمر 60 أنهيت منصبي كرئيس حكومة. وعلى الطريق شغلت أيضاً منصب وزير خارجية ووزير داخلية، وشغلت لفترات قصيرة مناصب في جميع الوزارات الأخرى تقريباً.
اليوم أنا وزير دفاع، وهذه السنة الخامسة على التوالي، وفي منتصف الطريق قضيت ست سنوات بالزي المدني وتمتعت بحياة أكثر راحة وتحرراً، وأن أقوم بواجبات بيتي وأن أرتب ظهر اقتصادي اعتمد عليه في المستقبل. سيكون غريباً بأنه بدلاً من أن أقول شكراً على الفرصة، أن أحمل مشاعر الإحباط والضحية. أنا أعترف بأنني لم أنجح أبداً بأن أحول الإهانات والإحباط لأداة عمل. يبدو أن هناك أمراً ما معطوب لدي، وعلى الرغم من ذلك، فأنا أتدبر أموري بطريقة لا بأس بها."
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]